عقوبة سب الشيعة أو الاعتداء عليهم في البحرين

في فسيفساء الشعب البحريني، تشكل طائفة الشيعة مكونا أساسيا من مكونات هذا الشعب العريق الذي يواصل الحياة على أرضه منذ آلاف السنين.

عقوبة سب الشيعة في البحرين
صورة تعبيرية عن عدد من رجال الدين الشيعة في البحرين، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل. 

وينص دستور البحرين على أن الإسلام هو دين الدولة، ويحمي (حرية الضمير) وحرمة دور العبادة وحرية أداء الشعائر الدينية وإقامة المسيرات والتجمعات الدينية، وأن جميع المواطنين يتمتعون بحقوق متساوية أمام القانون.

بجانب ذلك، ولحماية الوحدة الوطنية والأمن المجتمعي، نص (قانون العقوبات البحريني) على عقوبات لكل من يسب الطوائف الدينية أو معتقداتها أو شعائرها أو يتعرض لها.

على أنه ينبغي أن يكون واضحا أن هذه المواد جاءت "عامة"، بمعني أنها تعاقب كل من يتعرض لديانة أو طائفة، سواء كانوا الشيعة أو السنة، أو حتى المسيحيين، لكننا في هذا التقرير سننزل هذه المواد والعقوبات المقررة فيها لشرح ماذا سيحدث إذا ما كان المجني عليه شيعيا.

عقوبة ازدراء الشيعة في البحرين:

بالاطلاع على نص المادة رقم ١٧٢ من قانون العقوبات البحرين، نجد أنها تنص على: ((يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وبالغرامة التي لا تجاوز مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من حرض بطريق من طرق العلانية على بغض طائفة من الناس أو على الازدراء بها، إذا كان من شأن هذا التحريض اضطراب السلم العام)).

📌 وهنا لنا وقفة مع نص هذه المادة، حيث نخرج منه بعدد من الملاحظات:

  1. عقوبة ازدراء الشيعة في البحرين لا تزيد على سنتين إذا ما أختار القضاء أن يعاقب بالحبس، لكن النص هنا لم يحدد الحد الأدنى للعقوبة، وفي مثل هذه الحالات نعود إلي المادة ٥٤ من ذات القانون، والتي حددت أن أي عقوبة حبس لا تقل حدها الأدنى عن عشرة أيام.
  2. قد يجمع القضاء البحريني في العقوبة بين الحبس والغرامة والتي حدد النص أنها لا تجاوز مائتي دينار بحريني، لكنه لم يحدد الحد الأدنى لها، لذلك نعود إلى المادة رقم ٥٦ من ذات العقوبة والتي حددت أن عقوبة الغرامة لا يجوز أن تنقص عن دينار.
  3. يجوز للقضاء أن يجمع بين عقوبتي الحبس والغرامة، ويجوز له أيضا أن يكتفي بواحدة دون أخرى، وهو أمر تقديري للمحكمة التي تنظر القضية حسب كل ظروف حالة وملابساتها.

كما نلاحظ أيضا أن النص قال ((بطريق من طرق العلانية)) بمعني أنه لم يحدد طريقة معينة لقيام الجريمة، فالعلانية قد تكون عبر الإنترنت وقد تكون في تجمع عام أو اي صورة أخرى من صور العلانية.

لكن هذه العبارة نفسها أخرجت الأمر عن دائرة التجريم، إذا ما وقع ذلك الفعلا (سرا) كمن يحدث شخص آخر بينه وبينه في منزله مثلا ثم يزدري الشيعة، فهنا لا تقوم الجريمة، لأنها لم يتوافر فيها شرط العلانية.

أيضا نلاحظ أن ختام النص جاء كما يلي: ((إذا كان من شأن هذا التحريض اضطراب السلم العام))، وهو أمر موضوعي يختلف بين كل حالة وأخرى، وتقدره المحكمة التي تنظر القضية.

الشيعة في البحرين
إذا حدث شجار عادي بين أحد الشيعة في البحرين وشخص آخر تطور إلي السب والقذف، فهنا لا يجوز التمسك بمواد ازدراء الشيعة، بل يتم إعمال مواد السب والقذف العادية كأي مواطن بحريني آخر، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل.

ونود هنا أيضا التأكيد على نقطة بالغة الأهمية، وهي أن هذا النص لا محل لتطبيقه إذا ما كان الخلاف بين شخص شيعي وأي شخص آخر، وقام هذا الأخير بسب الشيعي مثلا.

فهنا نقوم بتطبيق أحكام (السب والقذف في القانون البحريني).

تطبيق عملي من أحكام القضاء البحريني في قضايا ازدراء الشيعة:

لعل من أشهر القضايا خلال السنوات الماضية والتي تعلقت بتهمة ازدراء شيعة البحرين، هي اتهام مستشار قانوني يحمل الجنسية المصرية بتلك التهمة في أبريل عام ٢٠١٩.

في هذه الواقعة ذهب حكم ((المحكمة الصغرى الجنائية الأولى)) إلي تبرئة المتهم من تهمة الازدراء أو التحريض على بغض الطائفة الشيعية وأسست حكمها على ما يلي:

أولا: أن قوله (أنت شيعي) ليس ازدراء:

وذلك لأن الشيعة هو اسم يطلق على طائفة من طوائف المسلمين، وأن نعت أحد الأشخاص بأنه ينتمي إلى تلك الطائفة لا يمثل ازدراءا له.

وأضافت المحكمة في حيثيات حكمها أن الفرد يجب أن يكون فخورا بالطائفة التي ينتمي إليها.

ولعل المحكمة في هذا الموقف قد قصدت أن ما يعاقب عليه هو الإهانات مثل: ((خونة)) أو ((متآمرين)) أو ((الروافض)) وهو مصطلح يستخدمه البعض لوصف الشيعة الأوائل الذين رفضوا خلافة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان -رضي اللّه عنهم-.

ثانيا: عدم تحقق القصد الجنائي:

المحكمة ذهبت أيضا أن الفاظ المتهم لم يكن القصد منها التحريض على بغض طائفة الشيعة بل كان نتيجة لخلاف بينه وبين شخص المجني عليه.

حكم المحكمة أشار أيضا إلي أن المتهم لم تنصرف أرادته إلي التحريض على الازدراء بطائفة، كما أنه لم يكن قد قام بالتحضير للقيام بذلك.

عقوبة جريمة التحقير من شعائر الشيعة:

كما هو معروف، فإن للطائفة الشيعية بعض الشعائر التي تختلف عن شعائر أهل السنة، من بينها على سبيل المثال لا الحصر (ذكرى عاشوراء)، (ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم) وهو الإمام السابع للإسلام الشيعي.

هذا وقد عاقب قانون العقوبات البحريني في المادة رقم ٣٠٩ منه على التحقير منها أو من الطائفة الشيعية ككل، حين نصت على: ((يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، أو بالغرامة التي لا تجاوز مائة دينار من تعدى بإحدي طرق العلانية على أحدى الملل المعترف بها أو حقر من شعائرها)).

"سب الشيعة" في البحرين
يعاقب قانون العقوبات البحريني كل من يتعدي على الطائفة الشيعية، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل.

ونلاحظ هنا أيضا اشتراط العلانية، كما نلاحظ تحديد ((الحد الأقصى للعقوبة سواء في الحبس أو الغرامة دون ذكر الحد الأدنى مما يعيدنا إلي نفس ما فعلناه مع جريمة ازدراء الشيعة)).

وأيضا ترك النص الحق للقضاء في أن يجمع بين عقوبتي الحبس والغرامة معا، وبين أن يعاقب بواحدة دون الأخرى، ويكون تقدير ذلك كما قلنا بناء على ظروف وملابسات كل قضية على حدة.

وهنا نرغب في التأكيد على أن الاحتفال بذكرى معينة، لا يسمح في الوقت نفسه للمحتفلين أنفسهم ببعض التصرفات غير القانونية مثل وضع لافتات على منازل ومحلات مملوكة لآخرين دون موافقتهم.

عقوبة المساس برموز الشيعة في البحرين:

جاءت المادة رقم ٣١٠ لتضع نفس العقوبة المقررة في المادة السابقة لكل من:

  1. من طبع أو نشر كتابا مقدسا عند أهل ملة معترف بها إذا حرف نصه عمدا تحريفا يغير من معناه أو حقر من أحكامه أو تعاليمه.
  2. من أهان علنا رمزا أو شخصا يكون موضع تمجيد أو تقديس لدى أهل ملة (لكن يجب الانتباه هنا أيضا بأنه لا يجوز استخدام ذلك في أغراض الدعايا لدول أخرى أو شخصيات سياسية من دول أخرى).
  3. من قلد علنا نسكا أو حفلا دينيا بقصد السخرية منه (ويتم الإنتباه هنا أيضا إلى أنه لا يجوز استخدام المساجد أو المآتم أو غيرها من المواقع الدينية للتجمعات السياسية.

عقوبة الاعتداء على شعائر الشيعة في البحرين:

أما المادة ٣١١ من قانون العقوبات البحريني فقد نصت على: ((يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز مائتي دينار:

  1. من تعمد التشويش على إقامة شعائر ملة معترف بها أو على حفل أو اجتماع ديني أو تعطيل شيء من ذلك، أو منعه بالقوة أو التهديد.
  2. من أتلف أو شوه أو دنس بناء معدا لإقامة شعائر ملة معترف بها أو رمزا أو أشياء أخرى لها حرمة دينية)).

لكننا نشير هنا إلي أن الشعائر أو الاحتفالات أو الاجتماعات الدينية لا يجوز في نفس الوقت أن تتحول إلي مكان تمارس فيه مخالفات قانونية أو خروج عن النظام العام.

📌 هذا وتعد الجرائم المذكورة في هذا التقرير من الجرائم التي يمكن تحريك الدعوى الجنائية فيها بكافة الطرق التي يتيحها القانون، إذ يمكن أن تحركها (النيابة العامة) بموجب سلطاتها القانونية، كما يحق للأفراد العاديين إبلاغ السلطات بوقوعها وكذلك رفع الدعوى بشكل مباشر.

في النهاية يمكنكم استخدام خاصية التعليقات أسفل الصفحة لطرح أسئلتكم حيث يسرنا الرد عليها.

ولأي استشارات بشأن عقوبات سب الشيعة أو الاعتداء عليهم في البحرين .. أو أي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا) حيث نقدم إجابات شاملة ومجانية لمدة ٣ أيام على الأقل.

كما لا تنسوا متابعتنا على منصاتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي:

وفي الختام سلام عليكم..

القانون في الخليج
القانون في الخليج
(القانون في الخليج) هو الموقع العربي الرائد في مجال المعرفة والنصائح والاستشارات القانونية في دول الخليج العربي
تعليقات