الاحتيال أو النصب (باللغة الإنجليزية: Fraud) هو أي نشاط يقوم على "الخداع" من أجل تحقيق مكسب، سواء وقع على شخص عادي أو مؤسسة أو شركة، وبالتالي فهي واحدة من (جرائم الاعتداء على الأموال).
في الاحتيال يقوم الجاني بتحريف الحقيقة، أو إخفاء شيء جوهري وأساسي فيها، بهدف جعل الضحية تتصرف بشكل معين يحقق من وراءه مصلحته.
أو بعبارة أخرى، فإن الاحتيال أو النصب هو (الكذب والخداع) من أجل سلب مال أو مصلحة من شخص أو مؤسسة.
 |
| أحد البيانات من شرطة عمان السلطانية عن إلقاء القبض على متهمين بالاحتيال. |
إنها واحدة من الجرائم التي تعبر أيضا عن غياب الوازع الديني لدي مرتكبها، وضعف في نفس الضحية أو قلة خبرة وإدراك.
في هذا التقرير نتناول الاحتيال في صوره التقليدية، وكان قد سبق لنا نشر تقريرنا: ((ما هي جريمة (الاحتيال الإلكتروني) في سلطنة عمان .. وكيف يمكنك الإبلاغ عنها.. وما هي العقوبة المقررة لها قانونا؟)).
جريمة الاحتيال أو النصب في القانون العماني:
خصص المشرع العماني الفصل الثاني من الباب الحادي عشر من قانون الجزاء لتحديد (حالات جريمة الاحتيال) وعقوبة كل حالة منها.
ما هو تعريف جريمة الاحتيال أو النصب في القانون العماني؟:
عرفت المادة رقم ٣٤٩ من قانون الجزاء العماني (جريمة الاحتيال) بأنها: "كل من حصل من الغير على نفع غير مشروع لنفسه أو للآخرين باستعماله إحدي طرق الاحتيال، أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة).
كمن يقوم مثلا بالادعاء بأنه رجل أعمال ويستطيع أن يستثمر لك أموالك ويضاعفها لك، أو كما وقع مثلا في (شمال الباطنة) من استدراج امرأة لشخص باستعطافه لإيوائها في مقر سكنه، ثم جاء شريك لها يهدد الرجل مدعيا قرابته من المرأة، أو من يقدمون عروضا وهمية للدراسة خارج سلطنة عمان ((يمكنكم في هذا الصدد الإطلاع على تقريرنا: طريقة ومعايير وشروط ابتعاث العمانيين للدراسة خارج السلطنة حسب القانون واللوائح)).
ما هي عقوبة جريمة الاحتيال أو النصب في قانون الجزاء العماني؟:
ذات المادة التي أوضحت التعريف، حددت عقوبة جريمة الاحتيال بالسجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تقل عن ١٠٠ ريال عماني ولا تزيد على ٣٠٠ ريال عماني.
ويتم تشديد العقوبة إذا وقع فعل الاحتيال أو النصب على:
- شخص دون الثامنة عشر من عمره.
- بالغ لا يملك كامل قواه المميزه (كأن يكون مجنون أو معتوه أو سفيه أو محجور عليه).
جريمة الاحتيال ببيع ملك الغير في القانون العماني:
المادة ٣٥٠ من قانون الجزاء العماني تعاملت مع حالة تتشكل فيها واقعة الاحتيال أو النصب بصورة قيام المحتال ببيع ما لا يملك.
في هذه الحالة يقوم المحتال إما:
- بالتصرف في مال منقول أو عقار يعلم أنه غير مملوك له، وليس له حق التصرف فيه.
- بالتصرف في مال منقول أو عقار كان يملكه فعلا، لكنه سبق له أن تصرف فيه أو التعاقد عليه.
والتصرف هنا لا يشترط أن يكون بيعا، فيمكن أن يكون بالإيجار أو الرهن أو غيرها من صور التصرفات القانونية المختلفة.
ويشترط في جميع الأحوال أن ينتج عن التصرف (ضرر) للغير.
ما هي عقوبة جريمة الاحتيال ببيع ملك الغير في قانون الجزاء العماني؟:
نفس المادة (٣٥٠ جزاء عماني) أوضحت العقوبة المقررة لكل من يقوم بالاحتيال أو النصب بصورة بيع ملك الغير فجعلته "السجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات".
هذا وقد شددت هذه المادة العقوبة -على أن لا تجاوز الضعف- بمعني جعلتها السجن مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ستة سنوات إذا وقع الجرم على قاصر أو من في حكمه.
آثار جريمة الاحتيال أو النصب ببيع ملك الغير:
ينتج عن جريمة الاحتيال ببيع ملك الغير عملية بيع، يتم فيها دفع مال وقبضه .. فما هو مصير ذلك كله؟.
نستطيع استقراء ذلك من أحكام القضاء العماني، وبالتحديد الحكم الصادر من المحكمة العليا - الدائرة المدنية (ج)، الطعن رقم ٦٩٨ لسنة ٢٠١٧، جلسة الاثنين الموافق ٢٥ / ١٢ / ٢٠١٧.
وضعت المحكمة العليا العمانية في هذا الحكم قاعدة مفادها: ((إذا كان عقد البيع نتيجة مخادعة وخزعبلات قارفها الطاعن للإيقاع بالمطعون ضده وحمله على التعاقد بخصوص أرض لا يملكها وباستعمال وكالة زال مفعولها بوفاة الموكل، فإن العقد المشار إليه يكون باطلا)).
هذه القضية أصلا كانت تتصف بالغرابة، لأن الشخص الذي باع أرضا لا يملكها، وأضاف إلي ذلك أنه أوهم المشتري بأنها أرض زراعية وكانت في واقع الأمر أرضا سكنية.
ونتيجة لأن العقد لم يسري لاكتشاف واقعة الاحتيال، وتم الحكم بحبس الجاني بالسجن لمدة ثلاثة اشهر والغرامة مبلغ خمسين ريالا عمانيا.
ثم قام المجني عليه برفع دعوى يطلب فيها مبلغ ٢٠ ألف ريال عماني كان قد سددها كمقدم وقت توقيع العقد ومبلغ ٤٠ ألف ريال عماني قيمة (الشرط الجزائي) المنصوص عليه في العقد.
رفضت المحكمة العليا العمانية الحكم إلا بمبلغ العشرين ألف ريال التي تم دفعها بالفعل، واعتبرت أن العقد باطل ولا ينتج آثاره القانونية.
والحقيقة أننا نري صحة هذا الحكم وأن المجني عليه كان عليه في البداية أن يرفع دعوى تعويض نتيجة للأضرار التي أصابته نتيجة جريمة الاحتيال عليه وعدم إكمال البيع، وليس مطالبة بقيمة الشرط الجزائي.
جريمة الاحتيال أو النصب على قاصر:
أراد المشرع العماني أن يضفي حماية بصورة مخصصة للقصر الذين لم يبلغوا السن القانونية، فجاءت المادة ٣٥١ من قانون الجزاء العماني.
هذه المادة حددت جريمة الاحتيال على قاصر بأنها: ((كل من استغل رغبة قاصر أو حاجته أو عدم خبرته، وتحصل منه -إضرار بمصلحته أو مصلحة غيره- على مال منقول أو سند مثبت لدين أو مخالصة، أو إلي إلغاء هذا السند أو إتلافه أو تعديله)).
ما هي عقوبة جريمة الاحتيال أو النصب على قاصر في قانون الجزاء العماني؟:
إن عقوبة جريمة الاحتيال إذا وقعت بحق قاصر في قانون الجزاء العماني هي: ((السجن مدة لا تقل عن ثلاث أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات)).
ونلاحظ هنا أن العقوبة أصبحت هي السجن فقط، فلم يعد خيار عقوبة الغرامة متاحا أمام القضاء للحكم به، وفي هذا نوع من التشديد حماية للقصر وأموالهم.
لكن الفقرة الثانية من المادة ٣٥١ شددت من العقوبة أكثر فجعلتها ((السجن مدة لا تقل عن سنة، ولا تزيد على خمس سنوات إذا كان مرتكب الجريمة وليا أو وصيا أو قيما على المجني عليه أو كان مكلفا بأي صفة برعاية مصالحه أو كان من ذوي السلطة عليه، سواء كان ذلك بمقتضي القانون أو بمقتضى حكم أو اتفاق)).
والحكمة من هذا التشديد، أن هؤلاء من المفترض فيهم أن يكونوا هم أولى الناس برعاية أموال القاصر وزيادتها، وليس الأكل منها بالباطل، وأن هذا الفعل يكشف عن نفس آثمة خبيثة لابد أن يزيد جزائها.
كيف ترفع قضية نصب واحتيال في سلطنة عمان؟:
يتم تحريك قضية نصب واحتيال في عمان بالطرق المحددة في (قانون الإجراءات الجزائية)، حيث يتم تقديم شكوى إلي الادعاء العام.
ومن ثم يقوم (الادعاء العام) بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة المختصة.
كيف تثبت تهمة النصب والاحتيال؟:
لابد أن تعرف أن إثبات النصب والاحتيال قد يكون أحيانا من أصعب الأمور التي يتم إثباتها في المحاكمات.
ذلك لأنه ينبغي إثبات (أن نية الجاني كانت متجهة لإرتكاب جريمة الاحتيال)، ونحن نعلم أن المحتالين يتفننون في الخداع، وأن الضحايا نتيجة حبهم للثراء السهل والسريع وما يزينه لهم المحتالين من مكاسب أخرى من أي نوع، فإنهم يسلمون لهم أموالهم بإرادة حرة دون إكراه.
لذا يسهل من أمر إثبات النصب والاحتيال أمام القضاء أن تكون هناك أدلة واضحة ومقنعة.
مقتطفات من صور أخري للاحتيال في القوانين العمانية:
 |
| لقطة من فيديو دعائي بثته (شرطة عمان السلطانية) للتحذير من الاحتيال العاطفي، وهي صورة من صور الاحتيال الذي يتضمن التظاهر بنوايا عاطفية تجاه الضحية وكسب مودته، ثم استخدام العاطفة لدفع الضحية إلي إرسال أموال إلي المحتال تحت إدعاءات كاذبة. |
- في قانون الجنسية العماني، تسقط الجنسية عن كل من حصل عليها بناء على بيان كاذب أو بطريق الغش أو الاحتيال، وكل من كسبه معه بطريق التبعيه (أولاده على سبيل المثال).
- ضاعف قانون حظر تملك غير العمانيين للأراضي والعقارات في بعض الأماكن، من العقوبات المقررة لإبرام العقود بالمخالفة لأحكامه إذا تمت عن طريق الاحتيال.
- في نظام (الأمن الوظيفي) وهو أحد أنظمة التأمينات على العاملين في القطاعين العام والخاص، يلتزم المؤمن عليه برد كافة المبالغ المالية التي صرفت له دون وجه حق، إذا كان صرف المنفعة مبنيا على الغش أو الاحتيال، ولا يحول ذلك دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ومنها تحريك دعوى قضائية ضده بتهمة الاحتيال.
في النهاية يمكنكم استخدام خاصية التعليقات أسفل الصفحة لطرح أسئلتكم حيث يسرنا الرد عليها.
وفي الختام سلام عليكم..
إرسال تعليق