تعتبر العلاقة بين المحامي والموكل واحدة من أكثر العلاقات التي تتسم بالثقة المتبادلة.
![]() |
يؤدي الخلاف بين المحامي وموكله بسبب عدم سداد بقية الأتعاب المتفق عليها سببا في رفع دعوى أتعاب المحاماة، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل. |
فالموكل يختار محاميه للدفاع عن حياته أو حريته أو ماله، وقد يفضى له بأسرار لا يعرفها عنه حتى والديه أو زوجته أو أبناءه.
علاقة قوية إلي هذا الحد، من المفترض أن تسير دون مشاكل.
لكن، يحدث في بعض الحالات -وغالبا ما يكون ذلك بعد نهاية القضية- أن يثور نزاع بين المحامي وموكله حول (أتعاب المحاماة).
في هذا التقرير نوضح كيف نظم القانون وأحكام المحاكم الإماراتية مسألة أتعاب المحامي، بداية من كيفية الاتفاق عليها وتدوينها، وصولا إلي كيف تحكم بها المحكمة والعكس صحيح .. كيف تحكم المحكمة بعدم استحقاق المحامي أكثر مما تقاضاه بالفعل.
ما هي أتعاب المحامي في القانون الإماراتي؟:
في المادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم ٣٤ لسنة ٢٠٢٢ في شأن تنظيم مهنتي المحاماة والاستشارات القانونية، نجد تعريف الأتعاب بأنها: ((المقابل النقدي الذي يستحقه المحامي أو المستشار القانوني مقابل مباشرته للأعمال القانونية التي يطلبها العميل)).
ما هو عقد أتعاب المحامي في الإمارات؟:
عرفت نفس المادة الأولى من قانون تنظيم مهنتي المحاماة والاستشارات القانونية الإماراتي (عقد الأتعاب) بأنه: ((الاتفاق المبرم بين المحامي أو المستشار القانوني وبين العميل، والمتضمن قيمة الأتعاب المتفق عليها وطريقة سدادها، ونوع وطبيعة الأعمال المكلف بها المحامي أو المستشار القانوني)).
فعقد الأتعاب يتضمن المبلغ المتفق عليه، وكذلك طريقة سداده هل نقدا (ويحصل العميل وقتها على إيصال من المحامي) أم بتحويل بنكي أم بأي طريقة؟.
وكذلك يجب أن يتضمن العقد ما هو العمل المطلوب من المحامي أو المستشار القانوني هل هو الترافع في جنحة أو جناية او دعوى مدنية أو أسرة .. إلخ، أو كتابة عقد أو الأشراف القانوني على شركة .. إلخ.
ويستحب في هذا العقد أن يدون فيه أيضا تواريخ سداد مستحقات المحامي.
ونحن نوصي دوما بتوقيع هذا العقد، الذي يعد بمثابة ضمانة تضمن حقوق الطرفين.
كم أتعاب المحامي في الإمارات؟:
لا يوجد أتعاب محددة لكل قضية في الإمارات، لكن تقدير قيمة الأتعاب يدخل فيها ثلاثة اعتبارات.
الأول: شخصي: يتعلق بشخص المحامي وشهرته وخبرته، فقد يتفق محامي مع موكله على تولى الدفاع عنه في جنحة بمبلغ عشرة آلاف درهم، ويتفق محامي آخر على مبلغ عشرين ألفا.
الثاني: موضوعي: يتعلق بنوع العمل القانوني المطلوب، وما هو الجهد المطلوب والوقت الذي سيستغرقه لإتمامه، والخبرات والعلم المطلوبة في المحامي الذي سيتولى العمل، والربح المعنوي أو المادي الذي سيعود على الموكل، ويمكن هنا الاتفاق على أنه في حالة ربح القضية سيتقاضى باقي الأتعاب كاملة وفي حالة الحكم بعكس ذلك، يتقاضى جزء منها يتم الاتفاق عليه.
الثالث: قانوني: إذ حدد قانون تنظيم مهنتي المحاماة والاستشارات القانونية الإماراتي ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم ٨ لسنة ٢٠٢٥ بعض الأسس لتقدير قيمة أتعاب المحامي في الإمارات:
- الأتعاب عما يقوم به في حدود وكالته (وكما ذكرنا هذه تختلف من محامي لآخر).
- ما أنفقه من مصروفات لمباشرة القضايا والأعمال التي كلف بها (مثل: رسوم رفع الدعوى، رسوم استخراج مستندات استخدمها في القضية .. إلخ)، ويمكن تضمينها في عقد أتعاب المحاماة.
حالة خاصة: أتعاب المحامي الذي تنتدبه المحكمة:
في بعض القضايا يكون المتهم غير قادر ماليا أصلا على توكيل محامي للدفاع عنه، ولكن القانون أوجب حضور محامي معه (مثال: الجنايات).
في هذه الحالة وبحسب البند رقم (٢) من المادة (٣٤) من قانون تنظيم مهنتي المحاماة والاستشارات القانونية الإماراتي، فإن المحكمة التي تحكم في الدعوى هي من تنتدب المحامي وهي من تحدد له أتعابه ويكون قرارها نهائي.
متي يستحق المحامي أتعابه في الإمارات؟:
![]() |
بالرغم من وجود عقود أتعاب محاماة مكتوبة ومتفق عليها، إلا أن ذلك لم يمنع من حدوث العديد من المشاكل في هذا الشأن بين المحامين والموكلين، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل. |
قد يفترض البعض أن الخلاف حول أتعاب المحاماة يحدث فقط إذا خسرها المحامي، أو حتى خلال سير الدعوى نفسها.
لكن الحقيقة أننا شاهدنا هذه الحالات حتى مع حصول الموكل على الحكم الذي يريده، وهذا سيتبين لنا أيضا في عدد من الأحكام القضائية التي سنعرضها في هذا التقرير.
رفع دعوى أتعاب المحاماة في القانون الإماراتي:
في البداية يحتاج المحامي إلى أي محرر يصلح لكي يكون سندا في دعواه (مثال: أوراق أو مستندات قدمها إلى المحكمة).
سيحتاج بالطبع إلي أموال من أجل أن يستخرج صور من هذه المحررات، وهنا أتاح له البند الثاني من المادة ٣٧ من القانون أن يكون استخراج هذه المستندات على نفقة موكله.
وبالطبع قد لا يقبل الموكل ذلك، لذا يدفعها المحامي ثم يطالب بقيمتها أمام القضاء.
وفي هذا الوقت، فإن البند الثالث من نفس المادة وكوسيلة مساعدة للمحامي في إثبات عمله، ووسيلة ضغط على الموكل لسدادها قبل اللجوء للقضاء، أتاح للمحامي عدم تسليم (مسودات الأوراق التي حررها في الدعوى، الكتب الواردة إليه من الموكل، المستندات المتعلقة بالأعمال التي أداها في الدعوى).
وبشكل عام، فإن البند الرابع من المادة ٣٧ أيضا أسقط حق الموكل في الحصول من المحامي على مستندات القضية المودعة لديه في حالة عدم سداده كامل الأتعاب المتفق عليها مع المحامي، أو بمضى خمس سنوات من تاريخ انتهاء العلاقة بينهما، ما لم ينص عقد الأتعاب على خلاف ذلك.
أما إذا أطلعنا على البند رقم ٢ من المادة ٣٨، فنجد أنه ينظم الحالة التي يقوم فيها المحامي نفسه بالتنحي عن القضية أو طلب إنهاء وكالته، ففي هذه الحالة عليه أن يرد لموكله سند التوكيل والمستندات والأوراق الأصلية، وكذلك (مقدم الأتعاب) ما لم يتم الاتفاق في العقد على خلاف ذلك.
رفض دعوى أتعاب المحاماة في الإمارات:
إذا ما أثبت الموكل أمام المحكمة أن المحامي لم يقم بالأعمال والالتزامات المطلوبة منه في عقد الأتعاب، وفشل المحامي في تقديم المستندات أو الأدلة التي تثبت عكس ذلك.
ففي هذه الحالة يحكم برفض دعوى أتعاب المحاماة، بل ويحق للموكل أن يطلب استرداد ما دفعه من أموال بشرط أن يكون معه ما يفيد بأن المحامي قد قبضها فعلا.
أحكام المحاكم الإماراتية في دعاوى أتعاب المحاماة:
حكم إلزام موكل بسداد نصف مليون درهم باقي أتعاب محاماة:
صدر هذا الحكم عن (محكمة أبوظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية)، والتي ألزمت المدعى عليه أيضا بسداد ٣٠ ألف درهم إضافية بجانب بقية الأتعاب (٥٠٠ ألف درهم)، وذلك على سبيل تعويض لمكتب محاماة عن الأضرار التي لحقت به نتيجة تأخير حصوله على أتعابه.
حكم إلزام موكل بسداد ١٢ ألف درهم باقي أتعاب محاماة:
صدر هذا الحكم عن (محكمة العين الابتدائية) في أغسطس عام ٢٠٢٤، وذلك بعدما ربح المحامي له دعوى جزائية كان قد رفعها له.
هذا النزاع تمثل في طلب المحامي أن يسدد له موكله مبلغ ١٢ ألف درهم قيمة عقد الأتعاب المتفق عليها، مع تعويض أربعة آلاف درهم عن الأضرار التي أصابته نتيجة تأخر المدعي عليه في السداد.
وبينما أقر المدعي عليه (الموكل) بأن ذمته منشغلة بقيمة عقد الأتعاب (١٢ ألف درهم) فقد رفض سداد مبلغ التعويض.
هنا حكمت المحكمة بأن يدفع الموكل لمحاميه ١٢ ألف درهم، وقضت له أيضا بتعويض ٣٠٠ درهم واعتبرته تعويضا كافيا، وأمرت بأن يدفع المدعي عليه أيضا الرسوم والمصاريف.
حكم إلزام موكل بسداد ثمانية آلاف درهم أتعاب محاماة:
صدر هذا الحكم من (محكمة رأس الخيمة) بإلزام الموكل بدفع ٨ آلاف درهم للمحامية الخاصة به وذلك بعدما دافعت عنه أمام محكمة جنح رأس الخيمة في قضيتين بتهم السب والتهديد والاعتداء.
حكم إلزام محام برد مبلغ ١٨٠ ألف درهم قيمة أتعاب محاماة:
هنا نجد العكس في الحكم الصادر عن (محكمة أبوظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية) في أبريل من عام ٢٠٢٤، والذي قضي بفسخ عقد الأتعاب ورد مبلغ ١٨٠ ألف درهم كانت الشاكية قد دفعتها إلى المحامي.
إذ ثبت للمحكمة أن المحامي لم يقم بأي عمل من الأعمال التي اتفق عليها مع موكلته برفع دعوى ضد شركة تجارية.
حكم برفض دعوى أتعاب محاماة بقيمة ١٥٠ ألف درهم:
هذا الحكم صدر في مايو ٢٠٢٥ برفض دعوى شركة محاماة طالبت فيها بأتعاب بقيمة ١٥٠ ألف درهم، وذلك لأن شركة المحاماة ارتكبت خطأ مهنيا كبيرا حين قامت برفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة، إذ يجب رفع الدعوى أمام ذات المحكمة التي أصدرت الحكم في القضية.
في النهاية يمكنكم استخدام خاصية التعليقات أسفل الصفحة لطرح أسئلتكم حيث يسرنا الرد عليها.
ولأي استشارات بشأن دعوى أتعاب المحاماة في القانون الإماراتي .. أو أي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا) حيث نقدم إجابات شاملة ومجانية لمدة ٣ أيام على الأقل.
كما لا تنسوا متابعتنا على منصاتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي:
وفي الختام سلام عليكم..