جريمة اختلاس المال العام في القانون الكويتي

المال العام هو المال المملوك لكافة أفراد الشعب في أي دولة.

اختلاس المال العام وفق قانون الكويت
جريمة اختلاس المال العام في الكويت، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل.

وتحرص جميع الدول على حمايته وتنميته، وتوقيع العقوبات على من تمتد يده للاختلاس منه.

من ذلك ما يحدث في دولة الكويت، والتي نص دستورها في المادة رقم ١٧ منه على: ((للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجب على كل مواطن)).

كما صدر في الكويت أيضا القانون رقم ١ لسنة ١٩٩٣ بشأن حماية الأموال العامة، والذي جاء بنص المادة الأولى منه: ((للأموال العامة حرمة وحمايتها ودعمها والزود عنها واجب على كل مواطن)).

في هذا التقرير نبحث مسألة جريمة اختلاس المال العام في الكويت .. وما هي الشروط الخاصة لقيامها؟ .. وما هي العقوبات المقررة لها.

أركان جريمة اختلاس المال العام في القانون الكويتي:

من أجل قيام جريمة اختلاس المال العام في الكويت، لابد من توافر ركنين أساسيين هما:

الركن الأول: المال العام:

ويمكن أن نقول هنا أن المال العام هو كل شيء تملكه الدولة أو أحد أشخاصها الاعتبارية (مثل الوزارات والهيئات) سواء كان عقارا أو منقولا.

كما يمكن أن نعرف المال العام بأنه المال المخصص للنفع العام أو المال الذي يعتبره القانون كذلك.

وقد تم تعريف المال العام في الكويت بنص المادة الثانية من قانون حماية الأموال العامة بأنه: ((يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا القانون ما يكون مملوكا أو خاضعا بقانون لإدارة إحدي الجهات الآتية أيا كان موقع تلك الأموال في داخل البلاد أو خارجها:

أ- الدولة.
ب- الهيئات العامة والمؤسسات العامة.
ج- الشركات والمنشآت التي تساهم فيها الجهات المبينة بالبندين السابقين بنسبة لا تقل عن ٢٥٪ من رأسمالها بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق شركات أو منشآت تساهم الدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو غيرها من الأشخاص المعنوية العامة في رأسمالها بنصيب ما، ويعتد في تحديد نسبة رأس المال المشار إليها بمجموع الحصص التي للدولة أو غيرها من كافة الهيئات ذات الشخصية المعنوية العامة أو الشركات المشار إليها)).

فمثلا الموظف الذي يسلم إليه أجهزة أو معدات لتساعده في أداء وظيفته ثم يقوم ببيعها والتربح من وراءها هذا يكون قد تحقق بحقه جريمة اختلاس المال العام.

ونضرب هنا مثالا بحكم أصدرته (محكمة التمييز الكويتية) في الطعن رقم ٦٦ لسنة ١٩٨٢، بجلسة ١٩ / ٤ / ١٩٨٢، جاء فيه: ((إذ دلل الحكم على توافر القصد الجنائي لجريمة الاختلاس في حق الطاعن في قوله إن الثابت أن المتهم تصرف في أموال الغرامات تصرف المالك، وتغيرت نيته من أمين على أموال الغرامات إلي التصرف فيها تصرفه في أمواله الخاصة)).

ولا يشترط هنا أن يكون (المال العام) مشروع التداول به، فرجل الشرطة أو سكرتير وكيل النيابة العامة الذي قد يكون بحوزتهم أحراز جرائم مثل جرائم تعاطي المخدرات ثم يستولون عليها، تتحقق بحقهم جريمة اختلاس المال العام.

وقد تم التأكيد على مسألة أن المال العام يحتفظ بهذه الصفة ولو كان خارج الكويت، وذلك في المادة الرابعة من القانون التي نصت على: ((تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب خارج إقليم الكويت جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه)).

ومن الأمثلة على ذلك المشاريع التي تمتلكها الحكومة أو الشركات والمؤسسات الحكومية الكويتية خارج الكويت، ومن صورها كذلك المال العام الموجود في السفارات والقنصليات الكويتية.

الركن الثاني: الموظف العام:

بخلاف كون المال (مال عام) يجب أن يكون من يختلسه في هذه الجريمة (موظف عام).

وقد أشار (قانون حماية الأموال العامة الكويتي) إلي ما هو المقصود بالموظف العام وذلك في المادة الثالثة منه والتي جعلت في حكم الموظف العام (الأشخاص المنصوص عليهم في المادة ٤٣ من القانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٠).

وبالإطلاع على نص هذه المادة نجد أنها جعلت في حكم الموظف العام:

أ- الموظفون والمستخدمون والعمال في المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت إشرافها أو رقابتها.
ب- أعضاء المجالس النيابية العامة أو المحلية سواء أكانوا منتخبين أو معينين.
ج- المحكمون والخبراء ووكلاء النيابة والمصفون والحراس القضائيون.
د- كل شخص مكلف بخدمة عامة.
ه‍- أعضاء مجالس إدارة ومديرو وموظفو ومستخدمو المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت، إذا كانت الدولة أو إحدي الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت.

وهكذا فإن القاعدة لقيام جريمة اختلاس المال العام أن يكون المال مال عام، وأن يختلسه (موظف عام).

ما هي عقوبة جريمة اختلاس المال العام في الكويت؟:

جريمة اختلاس المال العام في الكويت
نظم قانون حماية المال العام الكويتي عقوبة جريمة اختلاس المال العام وجعلها بين الحبس المؤبد والحبس المؤقت حسب كل قضية، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل.

لقد نصت المادة التاسعة من القانون رقم ١ لسنة ١٩٩٣ بشأن حماية المال العامة الكويتي، على جريمة اختلاس المال العام وعقوبتها: ((يعاقب بالحبس المؤبد أو المؤقت الذي لا تقل مدته عن خمس سنوات كل موظف عام أو مستخدم أو عامل اختلس أموالا أو أوراقا أو أمتعة أو غيرها مسلمة إليه بسبب وظيفته.

وتكون العقوبة الحبس المؤبد أو المؤقت الذي لا تقل مدته عن سبع سنوات إذا ارتبطت الجريمة بجناية أخرى ارتباطا لا يقبل التجزئة)).

والحبس المؤبد كما عرفته المادة ٦١ من القانون رقم ١٦ لسنة ١٩٦٠ بإصدار قانون الجزاء: ((الحبس المؤبد يستغرق حياة المحكوم عليه ويكون مقترنا بالشغل دائما)).

وأما الحبس المؤقت فقد عرفته المادة ٦٢ من نفس القانون بأنه: ((الحبس المؤقت لا تقل مدته عن أربع وعشرين ساعة ولا تزيد عن خمس عشرة سنة)).

والمحكمة هي من تحدد ما إذا كان الحبس في جريمة اختلاس المال العام سيكون مؤبد أو مؤقت حسب ظروف كل قضية.

ونلاحظ أن النص ذكر أمثلة على الأموال العامة .. ثم قال (أو غيرها) ما يجعل من غير الممكن الدفع بأن أي شيء له قيمة وتملكه الدولة لا يعتبر (مال عام).

وهذا ما نجده واضحا في حكم (محكمة التمييز الكويتية) في الطعن رقم ٥٩ لسنة ١٩٩٨ والصادر بجلسة ٨ / ٢ / ١٩٩٩، حين قضت بأن: ((مدلول لفظ "مال" الوارد بهذه المادة يشمل كل شيء يمكن تقويمه سواء أكانت قيمته كبيرة أو ضئيلة مادية أو اعتبارية، وهو بهذا المدلول يشمل كافة صور المال التي عددتها المادة التاسعة من القانون المذكور بما فيها الأوراق)).

ما هو الفارق بين جريمتي الاختلاس والاستيلاء على المال العام في القانون الكويتي؟:

نلاحظ أيضا على نص المادة التاسعة من القانون رقم ١ لسنة ١٩٩٣ بشأن حماية المال العامة الكويتي، والتي حددت كما سبق وأن أوضحنا عقوبة الاستيلاء على المال العام في الكويت، فإنها وفي نفس الوقت حددت (المعيار المميز) الذي نفرق به بين جريمتي الاختلاس والاستيلاء على المال العام.

وذلك حينما حددت أن فعل الاستيلاء يقع على المال الذي تم ((تسليمه إلي الموظف العام بسبب وظيفته)).

فإذا كان المال العام غير مسلم إلي الموظف العام بسبب وظيفته وأخذه لنفسه فإنه في هذه الحالة يكون مرتكبا لجريمة (الاختلاس) وليس (الاستيلاء) على المال العام.

ويجب لإثبات وقوع الجريمة في هذه الحالة أن يتم التيقن من حدوث فعل الاختلاس.

فلا يكفي على سبيل المثال وجود عجز في الحسابات للقول بوجود دليل على جريمة اختلاس المال العام، إذ قد ينتج هذا العجز عن خطأ في الحسابات، ويكون المطلوب في هذه الحالة مجرد إعادة تدقيق.

لكن القانون ومن جهة أخرى لم يحدد وسائل معينة لإثبات وقوع جريمة الاختلاس، لذا يمكن إثباتها بأي طريقة مثل: (اعتراف الجاني - التسجيلات الصوتية أو المسموعة التي تم الحصول عليها بطريقة قانونية - شهادات الشهود .. إلخ).

من الذي يتولي التحقيق في جريمة اختلاس المال العام في الكويت؟:

المادة رقم ٥ من القانون والتي وبالمناسبة تم تعديلها بالقانون رقم ٧٤ لسنة ٢٠٠٣ بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية والمحاكمات الجزائية رقم ١٧ لسنة ١٩٦٠ والقانون رقم ١ لسنة ١٩٩٣ بشأن حماية الأموال العامة، حددت أن (النيابة العامة) هي المختصة دون غيرها بالتحقيق والتصرف والإدعاء في جريمة اختلاس المال العام.

فإذا وجدت النيابة العامة أن الشخص الموجهة إليه الاتهامات عليه أدلة قوية على ارتكابه الجريمة فإنها تحيل الدعوى الجنائية إلى القضاء.

وأما إذا كان العكس صحيح، فإن لها الحق في إصدار قرار (بحفظ التحقيق)، وفي هذه الحالة تقوم بإعلان مجلس الوزراء والجهة المجني عليها بقرار الحفظ.

والحكمة من ذلك هو كما أوضحت الفقرة الثالثة من المادة الخامسة بإعطاء الحق لمجلس الوزراء والجهة المجني عليها في التظلم من قرار الحفظ، ما يعني إعادة التحقيق مرة أخرى، فإذا تمت إعادة التحقيق ورأت النيابة العامة مرة أخرى أن تأمر بحفظ التحقيق فلا يجوز التظلم من هذا القرار مرة أخرى.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن قيام الجاني برد المبلغ الذي أختلسه لا يؤثر على سير القضية وإن كان قد يؤثر على العقوبة التي ستحكم بها المحكمة فيخففه.

في النهاية يمكنكم استخدام خاصية التعليقات أسفل الصفحة لطرح أسئلتكم حيث يسرنا الرد عليها.

ولأي استشارات بشأن جريمة اختلاس المال العام في القانون الكويتي .. أو أي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا) حيث نقدم إجابات شاملة ومجانية لمدة ٣ أيام على الأقل.

كما لا تنسوا متابعتنا على منصاتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي:

وفي الختام سلام عليكم..

القانون في الخليج
القانون في الخليج
(القانون في الخليج) هو الموقع العربي الرائد في مجال المعرفة والنصائح والاستشارات القانونية في دول الخليج العربي
تعليقات