إن التحرش بالأطفال هو مصطلح يمكن استخدامه للتعبير عن أشكالًا عديدة من سوء السلوك الجنسي ضد القاصرين.
~2.png "كيف تثبت جريمة التحرش بطفل في السعودية؟.") |
| يجوز للمحكمة في قضايا التحرش الجنسي بالأطفال أن تستمع إلى الضحية، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل. |
إنها جريمة شديدة الخطورة، تكشف عن نفس إجرامية غير سوية، تستغل ضعف المجني عليه، وتسبب له أضرار جسدية ونفسية قد تستمر معه طيلة حياته.
ولهذه الأسباب جميعها حرصت السعودية على وضع الأنظمة التي تجرمها وتعاقب عليها بداية من (نظام مكافحة جريمة التحرش) الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / ٩٦) بتاريخ ١٦ / ٩ / ١٤٣٩ ه ، وصولا إلي (نظام حماية الطفل)، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / ١٤) بتاريخ ٣ / ٢ / ١٤٣٦ ه.
من هو الطفل في النظام السعودي؟:
لعل من المهم في البداية أن نحدد الفئة العمرية التي يوصف من فيها بالطفل.
إن أهمية ذلك تنبع من أن تحديد المجني عليه كطفل يجعل الجاني معاقبا بنصوص أكثر قسوة من كون المجني عليه بالغا.
وفي هذا الصدد نعتمد على التعريف الوارد في البند رقم (١) من المادة الأولى من نظام حماية الطفل السعودي، والتي نصت على: ((الطفل: هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره)).
وعندما يقول النص أن الطفل هو ((كل إنسان)) فإنه يشمل بذلك الذكور والإناث.
وقد أوضحت اللائحة التنفيذية للنظام أن تحديد السن يعتمد على شهادة الميلاد أو بالهوية الوطنية أو سجل الأسرة، أو أي مستند رسمي آخر، فإذا لم يوجد أيا من ذلك كله، تقوم جهة طبية معتمدة بتحديد السن.
ما المقصود بالتحرش في النظام السعودي؟:
إن الخطوة الأولى لمعرفة الجريمة وحدوثها، هي العلم بالتعريف الذي وضعه المشرع لها.
ونقرأ من نص المادة الأولى من نظام مكافحة التحرش السعودي: ((يقصد بجريمة التحرش .... كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر، تمس جسده أو عرضه، أو تخدش حياءه، بأي وسيلة كانت بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة)).
وهذا التعريف ينطبق على جريمة التحرش بشكل عام سواء وقعت ضد طفل أو ضد بالغ.
وحسنا فعل المشرع السعودي في هذا التعريف، فقد جعله يحتوى على ما يحدث غالبا حين يتم التحرش الجنسي بالأطفال من ممارسات اللمس الجنسي أو أي اتصال جسدي آخر.
علاوة على ذلك فقد اشتمل التعريف أيضا على الأنشطة غير التلامسية مثل الإشارات ذات المدلول الجنسي، وكذلك استخدام وسائل التقنية الحديثة، فأعتبر التحرش قد وقع في تلك الحالات حتى ولو لم يحدث اتصالاً جسدياً بالطفل.
ما المقصود بالإيذاء الجنسي في النظام السعودي؟:
توسعت اللائحة التنفيذية لنظام حماية الطفل السعودي (صادرة بالقرار الوزاري رقم ٥٦٣٨٦ بتاريخ ١٦ / ٦ / ١٤٣٦ ه) في توفير مظلة حماية للأطفال ضد أي إيذاء أو إساءة جنسية.
فربما لا يكتفي الجاني بالتحرش بالطفل، ويمتد إثمه فيعتدي عليه بشكل أكبر، وهنا نجد اللائحة التنفيذية للنظام قد نصت في البند الثاني من مادتها الأولى على أن من صور الإيذاء ضد الأطفال (الإساءة الجنسية).
وعرفت (الإساءة الجنسية) بأنها تعرض الطفل لأي نوع من أنواع الاعتداء أو الايذاء أو الاستغلال الجنسي.
 |
| يحق لأي شخص يضبط واقعة إيذاء أو تحرش جنسي بطفل في السعودية أن يقوم بإبلاغ الشرطة، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل. |
فجاء هذا التعريف ليكون أشمل وأوسع من التحرش، ويواجه كل حالة اعتداء جنسي قد يتعرض لها أي طفل.
وقد تم التأكيد على ذلك مرة أخرى في البند رقم (٧) من المادة الثالثة من ذات النظام، والتي اعتبرت من بين الإيذاء أو الأهمال التحرش بالطفل جنسيا، أو تعريضه للاستغلال الجنسي.
وبهذا يشمل الحالات التي قد يقوم فيها مسؤول عن الطفل باستغلاله عن طريق تقديمه لآخرين ليتحرشوا به في مقابل حصوله على منفعة من وراء ذلك.
لذا، فإننا في الإيذاء الجنسي نتحدث عن جريمة قد يحدث فيها تحرش أو أكثر من ذلك.
من له الحق في الإبلاغ عن جريمة التحرش بطفل في السعودية؟:
نظرا لخطورة هذه الجريمة، فإن من حق (كل من اطلع على حالة تحرش) إبلاغ الجهات المختصة، وهذا ما قررته المادة الثالثة من نظام مكافحة جريمة التحرش في البند رقم (٢) منها.
وعلى أي حال لا تخل المسائلة التأديبية التي قد تحدث تجاه الجاني من جهة عمله -في الحالات التي ترتكب فيها الجريمة أثناء أو بمناسبة العمل- بحق المجني عليه في تحريك الشكوى.
هل يجوز التنازل عن الشكوى ضد المتحرش حسب النظام السعودي؟:
المادة الثالثة من نظام مكافحة جريمة التحرش السعودي، اجابت على هذا السؤال بشكل تفصيلي.
فهي في البداية، أتاحت للمجني عليه أن يتنازل عن الشكوى ضد المتحرش أو عدم تقديمها من الأساس.
لكنها وفي ذات الوقت، حفظت للجهات المختصة نظاما أن تتخذ ما تراه مناسبا.
ففي حالة تنازل المجني عليه، يجوز للجهات المختصة نظاما أن تحفظ الشكوى وينتهي الأمر، ويجوز لها أن تستمر في التحقيقات وتسير الشكوى في مسارها الطبيعي.
ما يحدد ماذا سيحدث هو الجهات المختصة نظاما، وذلك حسب تقديرها للمصلحة العامة في كل حالة على حدة.
الحفاظ على سرية بيانات المجني عليه:
جاء من بين الأهداف المبتغاة لقانون مكافحة جريمة التحرش عدم الكشف عن هوية الضحايا.
وقد ظهر ذلك جليا في المادة الرابعة من النظام، والتي ألزما في بندها رقم ١ أي شخص يطلع بحكم عمله على أي حالة من حالات التحرش، بالحفاظ على سرية هذه البيانات.
ثم جاءت في البند رقم ٢ منها، لتحظر الإفصاح عن هوية المجني عليه في أي حالة، إلا إذا استدعت ذلك مصلحة إجراءات الاستدلال أو التحقيق أو المحاكمة.
ويكون تقدير ذلك بيد القائمين على أيا من هذه الإجراءات.
عقوبة جريمة التحرش بالأطفال في السعودية:
عقوبة التحرش بالأطفال في السعودية السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على ثلاثمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حالة العود أو في حالة اقتران الجريمة بأي مما يأتي:
أ- إن كان المجني عليه طفلاً.
التشهير بمرتكبي جريمة التحرش في النظام السعودي:
بموجب التعديل بالمرسوم الملكي رقم (م / ٤٨) بتاريخ ١ / ٦ / ١٤٤٢ ه، إضيفت فقرة تحمل الرقم (٣) إلي المادة السادسة من نظام مكافحة جريمة التحرش السعودي، لتحمل في طياتها عقوبة جديدة لمن يدان بجريمة التحرش.
هذه المادة نصت على: ((يجوز تضمين الحكم الصادر بتحديد العقوبات المشار إليها في هذه المادة النص على نشر ملخصه على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية، على أن يكون النشر بعد اكتساب الحكم الصفة القطعية)).
بموجب هذا التعديل قد يواجه الشخص المدان بالتحرش بالأطفال في السعودية ليس فقط عقوبة السجن، ولكن أيضا التشهير به كمجرم بجريمة التحرش ضد الأطفال.
في النهاية يمكنكم استخدام خاصية التعليقات أسفل الصفحة لطرح أسئلتكم حيث يسرنا الرد عليها.
ولأي استشارات بشأن جرائم التحرش الجنسي بالأطفال في النظام السعودي .. أو أي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا) حيث نقدم إجابات شاملة ومجانية لمدة ٣ أيام على الأقل.
كما لا تنسوا متابعتنا على منصاتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي:
وفي الختام سلام عليكم..
