تعد الأوقاف من بين أسمي المعاني التي زرعها الإسلام وحرض أتباعه على فعلها.
فالوقف هو أن يقوم شخص بتخصيص شيء يملكه لوجه الله خدمة للناس، كقطعة أرض أو مبني .. إلخ من صور الوقف المتعددة.
ومع زيادة الأوقاف بمرور السنين، ظهرت الحاجة إلي تنظيمها وتنظيم الاستفادة منها.
تنقسم الأوقاف في البحرين إلي سنية وجعفرية، صورة من وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف البحرينية. |
ومن صور تلك الاستفادة (تأجيرها) والحصول من ذلك الإيجار على مقابل مالي يتم توجيهه في فعل الخير.
في هذا التقرير تجدون نظرة شاملة لكل قواعد وأحكام تأجير الوقف في القانون المدني الكويتي.
من له الحق في تأجير أراضي أو عقارات الوقف في البحرين؟:
لعل أهمية هذا السؤال أن تعرف ممن تستأجر أراضي الوقف في البحرين حتى لا تقع ضحية لعملية احتيال أو نصب.
بمطالعة الفقرة أ من المادة ٥٦٣ من القانون المدني البحريني، نجدها نصت على: ((للناظر على الوقف ولاية إيجاره)).
والنظارة على الوقف في البحرين تكون إما لإدارة الأوقاف السنية أو إدارة الأوقاف الجعفرية، بحسب طائفة من أوقف الشيء، فالسنة غالبا ما يوقفون أملاكهم في الأوقاف السنية، والعكس صحيح مع الشيعة.
فتقوم هذه الإدارة أو تلك بتعيين ناظر مختص بوقف معين أو مجموعة معينة من الأوقاف.
ونتابع مع الفقرة (ب) من نفس المادة التي تنفي أن يكون من حق (الموقوف عليه) أن يقوم بإيجار الوقف، ولو كان استحقاق الوقف منحصرا له.
معني ذلك، أن الواقف عندما يذهب لوقف شيء يملكه، فإنه يحق له أن يطلب مثلا أن يتم وقفه على مؤسسة معينة (مثال: قام حمد بوقف قطعة أرض في إدارة الوقف السني، وطلب أن تخصص كوقف لمستشفى معين).
في هذه الحالة، فإن المستشفى لا تملك أن تقوم هي بتأجير المستشفى، بل يظل هذا من حق ناظر الوقف وهو في حالتنا (من تعينه إدارة الوقف السني ناظرا).
هذه هي (القاعدة العامة)، والتي حدد نص المادة ٥٦٣ من القانون المدني البحريني أيضا استثنائين اثنين عليها، وهما:
- أن يكون الواقف نفسه قد قام وقت وقفه العقار أو أي شيء آخر بتولية الموقوف له مهمة تأجيره.
- أن يأذن من له ولاية الإيجار (سواء كان الناظر أو مجلس الأوقاف المختص) بهذا الإيجار، ففي هذه الحالة أيضا يجوز للموقوف له ايجار الوقف.
من له الحق في قبض ثمن إيجار الوقف في القانون البحريني؟:
بالطبع من أهم أركان عقد الإيجار بشكل عام أن يكون هناك (ثمن) يدفعه المستأجر ويقبضه المؤجر .. فلمن يتم دفعه في حالة كانت الأرض المستأجرة أرض وقف؟.
المادة ٥٦٤ من القانون المدني البحريني جاءت شبيهة بالمادة ٥٦٣.
فهي في البداية حددت الأصل وهو أن من يقبض الأجرة هو (ناظر الوقف) وليس الموقوف عليه.
ثم جاءت باستثناء يسمح للموقوف عليه بقبض الأجرة في حالة إذا (إذن له الناظر في ذلك).
ولنضرب مثالا هنا، قام أحمد بوقف عقار لإدارة الأوقاف الجعفرية بغرض تخصيصها لخدمة دار أيتام، فهنا إذا قامت (وحدة الإيجارات) التابعة لهذه الإدارة بالسماح لهذه الدار بقبض الإيجار مباشرة فإنها تفعل ذلك، وإلا فالأصل أن الناظر نفسه هو من يقبض الأجرة.
حالات حظر إيجار الوقف في القانون البحريني:
هناك شيء يسمي (تضارب المصالح) باللغة الإنجليزية: Conflict of interest، تسعي كل القوانين في كافة الدول على منعه.
ويعني تضارب المصالح هذا: ((إمكانية تأثير المصالح الشخصية للفرد أو لأسرته أو العوامل الاجتماعية على أحكامه وقراراته أو أفعاله في العمل)).
تخضع كل من إدارة الوقف السني وإدارة الوقف الجعفري إلي وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف البحرينية، مصور غير معروف. |
ولمنع حدوث تضارب المصالح فقد حظرت المادة ٥٦٥ من القانون المدني البحريني على الناظر أن يقوم بتأجير الوقف لهذه الفئات:
- لنفسه.
- زوجه.
- أحد أصوله (والديه أو أجداده).
- أحد فروعه (أبناءه أو أحفاده).
وذلك درءا للشبهات ومنع احتمالية تأجير الوقف بمبلغ أقل مما يستحق في مثله.
حالة إيجار الوقف بالغبن الفاحش:
بالاطلاع على نص المادة رقم ٥٦٦ من القانون المدني البحريني، وبالتحديد في الفقرة (أ) منها، نجد أنها تمنع إيجار الوقف أيا كان نوعه (محلات تجارية، شقق سكنية، مكاتب، غرف، مباني، أراضي استثمارية أو زراعية .. إلخ) بالغبن الفاحش.
لكن ما معني الغبن الفاحش أصلا؟.
تجيبنا على ذلك الفقرة (ج) من المادة (٩٩) من القانون المدني البحريني، والتي تنص على: ((ويعتبر الغبن فاحشا إذا زاد عند إبرام العقد على الخمس)).
فعلي سبيل المثال إذا تم توقيع عقد ايجار قطعة أرض من أراضي الأوقاف بقيمة ٣٥ دينار شهريا، ثم تبين بعد ذلك أن هذه الأرض لا يقل سعر إيجارها الشهري بأي حال من الأحوال عن ٥٠ دينار شهريا، ففي هذه الحالة نكون أمام حالة من حالات الغبن الفاحش لأنه زاد عن "الخمس".
فإذا حدث ذلك بالفعل، فإننا نقوم بتفعيل حكم الفقرتين (أ) و(ب) من المادة ٩٩ من القانون المدني البحريني والتي جعلت من حق إدارة الأوقاف السنية أو الجعفرية أن تطلب تعديل العقد وزيادة سعره بما يزيل هذا الغبن.
فإذا رفض المستأجر تعديل العقد يكون لها أن تطعن عليه أمام القضاء وتطلب إلغاء العقد وفقا لنصوص المواد السابق بيانها والفقرة ب من المادة ٥٦٦.
حالة جواز إيجار الوقف بالغبن الفاحش:
نفس المادة (٥٦٦) من القانون المدني البحريني التي منعت ايجار أراضي الوقف بالغبن، الفاحش ، أجازت ذلك في حالة وحيدة هي أن يكون المؤجر هو (المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف).
فهنا يجوز أن يؤجر بالغبن الفاحش في حق نفسه، لا في حق من يليه من المستحقين.
كيف يتم تقدير قيمة إيجار الوقف في القانون البحريني؟:
لكن قد يدور هنا سؤال في بال الكثيرين .. إذن كيف نحدد قيمة إيجار الوقف بشكل سليم؟.
القانون المدني البحريني حدد في مادته رقم (٥٦٧) معيارين اثنين لتقدير أجرة الوقف هما:
- أجرة المثل: بمعني لو أرادت إدارة الأوقاف السنية مثلا تأجير قطعة أرض وقف في محافظة الشمالية، فإنها تنظر ما هي المبالغ السارية في هذه المحافظة بالنسبة للعقارات الواقعة في نفس المنطقة بنفس المساحة أو مساحة قريبة.
- وقت التعاقد: العبرة هنا في تحديد الأجرة بالوقت الذي تم فيه التعاقد، ولا عبرة بما قد يحدث بعد ذلك من زيادة أو نقصان قيمة الإيجارات في تلك المنطقة.
تحديد مدة إيجار الوقف في القانون البحريني:
نتابع مع نصوص القانون المدني البحريني وبالتحديد المادة رقم (٥٦٨) التي جعلت من حق (الواقف) تحديد المدة التي يتم تأجير الوقف خلالها.
ولا يجوز للناظر في هذه الحالة أن يخالف هذه المدة ويقوم بزيادتها أو الانقاص منها، إلا في حالة أن يكون مأذون له أصلا بالتأجير بما هو أنفع للوقف.
وهكذا نجد في البند (ب) من ذات المادة إتاحة المجال لناظر الوقف في تحديد مدة الايجار حسب حالة احتياجات السوق، فإذا:
- لم يوجد من يريد استئجار الوقف المدة التي عينها الواقف.
- كانت الإجارة لأكثر من تلك المدة أنفع للوقف (كأن يتم الاتفاق على مقابل مالي أكبر، أو كان المستأجر سيقوم ببناء أو إضافات إلي الوقف تزيد من قيمته مستقبلا أو غير ذلك من صور النفع).
ويشترط في هاتين الحالتين فقط أن يستأذن مجلس الأوقاف المختص، سنيا كان أو جعفريا، ثم يجوز له أن يؤجر الوقف المدة المناسبة ولو كانت غير المدة التي اشترطها الواقف نفسه.
عدم جواز إيجار الوقف مدة تزيد عن ٣ سنوات:
في المادة رقم (٥٦٩) من القانون المدني البحريني لا يجوز للناظر أن يؤجر الوقف مدة تزيد عن ثلاث سنوات بدون إذن مجلس الأوقاف المختص سنيا كان أو جعفريا ولو كان ذلك بعقود مترادفة.
فإذا خالف الناظر هذا النص، وقام بإبرام عقد إيجار تزيد مدته عن ٣ سنين، يظل العقد صحيحا، لكن يتم إنقاص مدته إلي ثلاث سنوات فحسب.
ومع ذلك ، إذا كان الناظر هو الواقف أو المستحق الوحيد ، جاز - بغير إذن مجلس الأوقاف المختص سنيا كان أو جعفريا- أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين.
لكن هذا الجواز لا يمنع أن يقوم الناظر الذي يخلفه في طلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنين.
تنويه: ينبغي أن يكون واضحا أنه وفي جميع الأحوال لا ينتهي عقد إيجار الوقف بموت الناظر أو بعزله، وذلك عملا بنص المادة ٥٧٠ من القانون المدني البحريني.
في النهاية يمكنكم استخدام خاصية التعليقات أسفل الصفحة لطرح أسئلتكم حيث يسرنا الرد عليها.
وفي الختام سلام عليكم..
إرسال تعليق