جرائم إهانة أو الاعتداء على الموظف العام في القانون البحريني
عرفت المادة ١٦ من دستور مملكة البحرين الوظائف العامة بأنها: (خدمة وطنية تناط بالقائمين بها، ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة).
فلما كانت الوظيفة العامة خدمة وطنية بهدف تحقيق المصلحة العامة للمجتمع، كان لزاما على القانون أن يضمن الاحترام والحماية الكاملة للقائمين بها.
وبناء على ذلك وضع القانون البحريني نصوصا خاصة لحماية الموظف العام أثناء او بمناسبة تأدية عمله، بخلاف تلك التي الموجودة أصلا لحماية بقية أفراد المجتمع.
يعاقب القانون البحريني على إهانة الموظف العام بالقول أو بالإشارة أو بالفعل، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copilot، خاصة بالقانون في الخليج. |
بخلاف ما ذكرنا من أسباب، فإن الموظف العام هو ممثل الحكومة، ولا يسمح أي قانون في العالم سواء البحريني أو غيره بإهانته أو التعدي عليه.
ذلك لأن الدول تعتمد على موظفيها في تطبيق القانون، وإدارة شؤونها ومباشرة مهامها ومسؤولياتها، وتقديم الخدمات العامة والبرامج والمشروعات، فهو حجر الأساس في تحقيق أهداف الدولة.
وتختلف العقوبة باختلاف شكل الاعتداء أو الإهانة ومدى خطورتها، وذلك ما سنرصده معا في هذا التقرير من (القانون في الخليج) عن جريمة إهانة أو الاعتداء على موظف عام في القانون البحريني.
استعمال القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام:
هذه هي أخطر صور جريمة الاعتداء على الموظف العام، وأول صورة جرمها قانون العقوبات البحريني، وذلك في المادة ٢٢٠ منه، والتي نصت في فقرتها الأولى على: ((يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنين كل من استعمل القوة أو العنف أو التهديد مع موظف عام أو مكلف بخدمة مدنية بنية حمله بغير حق على أداء عمل من أعمال وظيفته أو على الامتناع عنه، ولم يبلغ بذلك مقصده، فإذا بلغ الجاني مقصده تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات)).
ويلاحظ على هذا النص أنه حدد ((العقوبة القصوى)) لجريمة استعمال القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام سواء حقق الجاني ما يريده ام لا .. لكنه لم يحدد ((أقل عقوبة)) يمكن للقاضي إيقاعها على الجاني في هذه الحالة.
هذا يعيدنا إلي نص المادة ٥٢ من قانون العقوبات البحريني أيضا والتي حددت عقوبة السجن المؤقت وجعلتها لا تقل عن ثلاث سنوات.
أما مهمة تحديد العقوبة بالضبط، فتكون للمحكمة التي تنظر القضية، ويختلف فيها الحكم من قضية إلى أخرى، حسب ظروف وملابسات كل حالة.
الاعتداء على موظف عام بموجب المادة ٣٣٩ عقوبات بحريني (ضرب الموظف العام):
جاءت الفقرة الأولى من المادة ٣٣٩ من قانون العقوبات البحريني لتضع عقوبة الحبس أو الغرامة للجريمة التالية:
الاعتداء على سلامة جسم غيره بأي وسيلة وأفضى الاعتداء إلى مرض المجني عليه أو عجزه عن أعماله الشخصية مدة تزيد عن ٢٠ يوم.
لكن ما هو الحال إذا وقعت تلك الجريمة على موظف عام؟:
تجيبنا عن هذا السؤال الفقرة الأولى من المادة ٢٢١ من قانون العقوبات البحريني والتي جعلت العقوبة هي ((الحبس)).
هنا القانون تشدد من ناحية أنه جعل العقوبة الوحيدة هي الحبس، على عكس ما إذا كان الاعتداء واقع على غير موظف عام فيجوز فيه الاكتفاء بالعقوبة بالغرامة.
لكن إذا لم يحتاج علاج الموظف العام نتيجة الاعتداء عليه إلا إلي ٢٠ يوم أو أقل، فإن العقوبة يمكن استقرائها من الفقرة الثانية من نفس المادة، إذ نصت على: ((وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو الغرامة التي لا تجاوز مائتي دينار إذا لم يبلغ التعدي درجة الجسامة المذكورة)).
وهنا يعود القانون مرة أخرى ليعطي القاضي الحق في الاكتفاء بالغرامة.
*** الفقرة الثالثة من نفس المادة جعلت العقوبة هي (الحبس مدة لا تقل عن سنة) إذا ما وقع الاعتداء على قاضي.
تشديد عقوبة الاعتداء على موظف عام في القانون البحريني:
نواصل مع المادة ٢٢١ من قانون العقوبات البحريني، وهذه المرة مع الفقرة الرابعة منها.
هذه الفقرة اعتبرت وقوع جريمة الاعتداء على موظف عام مع سبق الإصرار أو من أكثر من شخص أو من شخص يحمل سلاحا، اعتبرت كل هذه الصور (ظرفا مشددا).
فماذا يترتب على ذلك؟.
لقد ((أجازت)) المادة ٧٦ من قانون العقوبات البحريني -ونركز هنا على قول أجازت أي أن القاضي يجوز له التشديد أو الاكتفاء بالعقوبة الأصلية-، للقاضي أن يوقع العقوبة كما يلي:
- مضاعفة الحد الأقصى لعقوبة الحبس.
وهكذا، فإذا كنا أمام حالة أسفر فيها الاعتداء على موظف عام إلى مرضه أو عجزه عن ممارسة أعماله الشخصية لمدة تزيد عن ٢٠ يوم، فإن الحد الأقصى للعقوبة التي يجوز للقاضي أن يحكم بها تصبح أربعة سنوات وليس عامين فقط.
عقوبة الاعتداء على أحد رجال الأمن أو العسكريين:
نصل إلى صورة أخرى تتسم بأنها أكثر عنفا، وأكثر تعبيرا عن خطورة من يرتكبها .. إنها الحالة التي يكون فيها الاعتداء على موظف عام هو اعتداء على أحد رجال الأمن أو العسكريين.
وقد حددت الفقرة الخامسة من المادة ٢٢١ من قانون العقوبات البحريني أنه إذا وقع الاعتداء على أيا من الفئات التالية:
- عضو من قوات الأمن العام.
- أحد العسكريين من منتسبي قوة دفاع البحرين.
- الحرس الوطني.
- جهاز الأمن الوطني.
- أوقع به دون قصد عاهة مستديمة: تكون العقوبة السجن لمدة لا تقل عن ٧ سنوات.
- أوقع به قاصدا عاهة مستديمة: تكون العقوبة السجن لمدة لا تقل عن ١٠ سنوات.
- قتله من غير عمد: السجن المؤبد (في البحرين يبقي المحكوم عليه بالسجن المؤبد مسجونا مدى حياته، وذلك عملا بنص المادة ٥٢ - فقرة ١ من قانون العقوبات البحريني).
ما هي عقوبة إهانة موظف عام في البحرين؟:
إهانة الموظف العام في البحرين يجوز للقضاء فيها أن يحكم بالحبس أو بالغرامة، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copilot ، خاصة بالقانون في الخليج. |
وقد وردت عقوبة هذا الفعل في المادة ٢٢٢ من قانون العقوبات البحريني والتي نصت على: ((يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ٦ أشهر أو بالغرامة التي لا تتجاوز ٥٠ دينار من أهان بالإشارة أو القول أو بالكتابة أو بأية طريقة أخرى موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة أثناء أو بسبب تأديته وظيفته أو خدمة)).
ملحوظات بشأن نص عقوبة إهانة أو التعدي على موظف عام في القانون البحريني:
- جاء النص ليحدد أن العقوبة هي الحبس أو الغرامة، فلا يجوز للمحكمة أن تجمع بينهما.
- إذا قضت المحكمة بالحبس فإنه لا يقل عن عشرة أيام كحد أدنى (وذلك وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة ٥٤ من قانون العقوبات البحريني).
- لا يزيد الحبس عن ٦ شهور.
- تقع الجريمة دون اشتراط شكل معين لإهانة الموظف العام، سواء بالإشارة أو بالقول أو بالكتابة أو بأي طريقة أخرى، والمحكمة هي من تحدد هل يعد هذا الفعل إهانة أو تعدي على موظف عام ام لا؟.
حالة الاعتداء على موظف عام خلال ضبط غش تجاري:
جاء القانون رقم (٦٢) لسنة ٢٠١٤ بشأن مكافحة الغش التجاري في البحرين، ليعالج حالة منع الموظفين العموميين التابعين لأي جهة من المكلفين بضبط الغش التجاري من ممارسة عملهم.
ورد ذلك بالتحديد في المادة ١٣ من هذا القانون والتي جعلت الحبس مدة لا تزيد على ٦ أشهر والغرامة التي لا تجاوز خمسمائة دينار أو بإحدي هاتين العقوبتين كل من حال دون تأدية الموظفين (الذين لهم صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة لجرائم قانون الغش التجاري) من تأدية أعمال وظائفهم.
ويكون هذا المنع بحسب تلك المادة منعهم من دخول المخازن أو المصانع أو المتاجر التي توجد بها السلع والمواد موضوع المخالفة أو الحصول على عينات منها أو بأي طريقة أخرى.
أحكام قضائية بحرينية في جريمة إهانة موظف عام:
تعود وقائع تلك القضية إلي تلقي النيابة العامة بلاغا من موظف عام اتهم فيه أحد الأشخاص بنشر مقال على تطبيق انستغرام يسيء فيه إليه وإلى موظفي الجهة التي يعمل بها.
وعرضت القضية على (المحكمة الجنائية) والتي صدر حكمها ببراءة المتهم في واقعة إهانة موظف عام.
لكن النيابة العامة البحرينية تقدمت بطعن، فنظرت (محكمة التمييز) الطعن وألغت حكم البراءة، لأن لحرية القول ولحرية الرأي حد تقف عنده.
ذلك لأن هذا المقال تضمن عبارات يعاقب عليها القانون وتسببت في إزعاج المجني عليه، كما تمثل فيه إساءة استعمال أجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية.
تعقيب على حماية الموظف العام في القانون البحريني:
لعل من المهم في النهاية أن نذكر أن هذا الموضوع موضوع حي يثير الاهتمام كل يوم، فالناس يحتكون كل يوم ويتعاملون مع الموظفين العموميين.
فهذه الحماية هي حماية للموظف العام كما أسلفنا، لكنها لا تنفي حق المواطنين في إستيفاء حقهم منهم إذا إساءوا استعمال وظيفتهم، لكن ذلك يكون بالطرق القانونية السليمة والمعتبرة وليس بالاعتداء أو بالإهانة.
كما أن هذه الحماية من المفترض أن لا تمنع النقد البناء للرأي العام تجاه الأعمال التي يقوم بها ذوي الصفة العمومية.
على أنه ينبغي واضحا أن هذا كله يختلف عن جريمة العيب في ذات الملك (إهانة الملك أو العلم أو الشعار الوطني) وهي جريمة أخرى بعقوبة أخرى قد نفرد لها تقريرا في وقت لاحق.
COMMENTS