الإجهاض في القانون الإماراتي بين الجواز والتجريم

تعرف منظمة الصحة العالمية WHO الإجهاض بأنه: ((تدخل صحي شائع ومأمون عند إجراءه بأحد الأساليب التي توصي بها المنظمة، وتتناسب مع مدة الحمل، وعلى يد شخص يمتلك المهارات اللازمة)).

هذا التعريف على أهميته من الناحية الطبية، لم يعالج الكثير من المسائل بشأن الإجهاض، خصوصا في دولة مسلمة وعربية مثل الإمارات العربية المتحدة.

فهو على سبيل المثال جاء جافا تماما من أي مشاعر وخاليا من الإشارة إلي أنه سيؤدي في النهاية إلي موت الجنين، حيث يطرح خارج الرحم في حالة لا يستطيع معها الحياة.

حيث تدور أسئلة عن الحالات التي يجوز فيها الإجهاض .. وهل يعاقب القانون الإماراتي عليه؟ .. وماهي العقوبة؟.

كل هذا وأكثر نتناوله اليوم في هذا التقرير من ((القانون في الخليج)) عن موقف القانون الإماراتي من الإجهاض، وكيف أعتبره جريمة وضع العقوبات لمن يرتكبها، وفي نفس الوقت استثني بعض الحالات من العقوبة، وأجاز فيها الإجهاض بشروط معينة.

ما هي الحالات التي يجوز فيها الإجهاض بحسب القانون الإماراتي؟:

ما هي الحالات التي يجوز فيها الإجهاض في الإمارات؟.
برغم تجريمه الإجهاض، فقد أباح القانون الإماراتي القيام به في بعض الحالات بسبب ضروريات معينة، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copilot، خاصة بالقانون في الخليج.

عندما صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم ٤ لسنة ٢٠١٦ بشأن المسؤولية الطبية، فإنه حظر في المادة رقم ١٦ منه على الأطباء القيام بعمليات الإجهاض، أو حتى وصف أي شيء من شأنه إجهاض المرأة الحامل.

لكنه وفي ذات الوقت حدد ثلاث حالات يجوز فيها الإجهاض، وهي:

((تنويه: أي ذكر لضرورة وجود أو موافقة طبيب في الحالات التالية، يقصد بهم الأطباء المرخص لهم بمزاولة مهنة الطب داخل الإمارات فقط)).

  • الحالة الأولى: إذا كان في استمرار الحمل خطر على حياة الأم الحامل:

ويشترط في هذه الحالة أن لا يكون هناك أي وسيلة أخرى للحفاظ على حياة المرأة الحامل إلا الإجهاض.

كما يشترط في هذه الحالة أن يتم إجراء عملية الإجهاض في:

  1. منشأة صحية حكومية.
  2. منشأة صحية خاصة مصرح لها بإجراء عمليات الإجهاض، من الجهة الصحية المختصة.
وأيا كان المكان الذي سيتم فيه إجراء عملية الإجهاض، لابد من أن تتم بمعرفة طبيب متخصص في أمراض النساء والولادة، وبموافقة الطبيب المعالج للحالة المرضية التي تبرر القيام بالإجهاض.

ويجب أن يحرر هؤلاء الأطباء تقريرا يتضمن مبررات إجراء عملية الإجهاض، وتقوم المرأة الحامل بالتوقيع بالموافقة عليه، وفي حالة تعذر الحصول على موافقتها (كأن تكون في غيبوبة أو تحت تأثير مخدر) يتعين الحصول على موافقة زوجها أو وليها وتوقيعه.

وتحتفظ المنشأة الطبية، وكل من وقع على هذا التقرير بنسخة منه.

ويستثني من شرط موافقة المرأة الحامل أو زوجها أو وليها، حالة الطوارئ التي تتطلب تدخل جراحي فوري.

  • الحالة الثانية: إذا ثبت تشوه الجنين تشوهاً جسيماً يؤثر على صحته وحياته بعد الولادة:

ويشترط في هذه الحالة أن يتم إثبات هذا التشوه بموجب ((تقرير طبي)) يصدر عن لجنة طبية يصدر قرار بتشكيلها من اللجنة الصحية، على أن تضم في عضويتها على الأقل عدد ٣ أطباء بدرجة استشاريين من تخصصات أمراض النساء والولادة والأطفال والأشعة.

ويكون على هذه اللجنة أن تقوم بإجراء كافة الفحوصات الطبية باستخدام التقنيات العلمية، وإثبات نتائج الفحوصات وأثر التشوه على الجنين في التقرير الذي تصدره.

  • الحالة الثالثة: تقديم طلب الإجهاض إلي لجنة خاصة:

وتكون هذه اللجنة مشكلة من ٣ أطباء منهم طبيب متخصص في أمراض النساء والتوليد، وطبيب متخصص في الأمراض النفسية، بالإضافة إلي عضو من النيابة العامة.

هذه اللجنة يجوز لها من أجل إتخاذ قرارها بشأن السماح بإجراء عملية الإجهاض من عدمها أن تستعين بمن تراه مناسبا من ذوي الخبرة والاختصاص.

وفي جميع الحالات السابقة تلتزم المنشآت الصحية بالحفاظ على خصوصية وسرية بيانات المرأة الحامل التي تتقدم بطلب لإجراء عملية إجهاض.

ومن كل ما سبق أيضا، نلاحظ أن المشرع الإماراتي قد تشدد في إثبات وجود (حالة الضرورة التي تبيح الإجهاض) ورسم طريقة معينة لإجراء تلك العملية، ليس فقط للحفاظ على الجنين، بل كذلك للحفاظ على الأم، إذ أن إجراء عملية الإجهاض بشكل غير آمن قد يؤدي إلي وفاتها أو حدوث مضاعفات خطيرة مثل ثقب الرحم أو تضرر الجهاز التناسلي نتيجة لاستعمال أدوات حادة.

حالة إجهاض الجنين الميت داخل الرحم:

الإمارات من الدول التي لا تسمح بالإجهاض إلا في حالات وشروط معينة
تنتفي عقوبة الإجهاض إذا كان الجنين قد مات أصلا داخل رحم الأم، ومع ذلك ينبغي الحصول على الموافقة القانونية لإجراء عملية إنزاله وتنظيف الرحم، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copilot، خاصة بالقانون في الخليج.

الحالات الثلاثة السابقة هي الحالات التي تم النص عليها في القانون بشكل صريح.

لكننا هنا في ((القانون في الخليج)) نضيف حالة رابعة يمكن أن يتم فيها الإجهاض وفقا للقانون الإماراتي، وهي الحالة التي يكون فيها الجنين ميتا داخل الرحم أصلا.

وهناك سابقة قضائية في ذلك تتمثل في حكم المحكمة العليا الإماراتية، نقض جنائي، الصادر في ١ نوفمبر ١٩٨٧، الطعن رقم ٤٦ لسنة ١١ قضائية، والذي قضت فيه بأن:

((مقتضى قيام جريمة الإجهاض ركن الحمل، وذلك لأن المقصود من الإجهاض هو إنهاء حالة حمل حي قبل موعد الولادة الطبيعي، فالإجهاض فعل موجه أصلا ضد جنين حي، فمحل الجريمة هو الحمل، ولا تقع جريمة الإجهاض إلا على مرأة حبلى، لأن القانون يحمي حق الجنين في الحياة، وهذا ما هدف إليه النص القانوني، فلابد إذا من وجود جنين ليحميه القانون، ولا تقع هذه الجريمة قبل حدوث الحمل أو انتهائه، ولو كان المتهم يعتقد أو يتصور خلافا للواقع وجود الحمل)).

من هذا الحكم يمكننا أن نستدل على ما يلي:

  • أن من يقوم بعملية إجهاض بشكل غير قانوني وهو يعتقد أن الجنين حي، ثم يكتشف أنه كان قد مات أصلا داخل الرحم قبل الإجهاض، فإنه لا يتوفر في حقه جريمة الإجهاض.
  • هذا لا يمنع أنه يمكن محاكمته على جرائم أخرى مثل (جريمة الجرح العمد) بحق الطبيب الذي أجري العملية.
  • أنه يمكن تقديم طلب إلي اللجنة التي أشرنا إليها في الحالة الثالثة من حالات جواز الإجهاض حسب القانون الإماراتي، لإثبات موت الجنين داخل الرحم، وطلب إجراء عملية جراحية أو تدخل طبي لإنزاله.

ما هي المدة التي يحظر القانون بعدها الإجهاض في الإمارات؟:

إذن، وكما أتفقنا فإن عملية الإجهاض غير قانونية في الإمارات إلا في الحالات التي أوضحناها.

ومع ذلك، فإن هناك شرط أساسي يجب أن يتم أخذه بعين الاعتبار وهو مسألة الوقت، إذ أنه من غير المسموح القيام بعملية الإجهاض في الإمارات بعد مضي ١٧ أسبوع (١٢٠ يوم) من بداية الحمل.

والعبرة في وضع هذا التوقيت بالتحديد هو الالتزام بالحديث الشريف الذي رواه عبد الله بن مسعود أن رسول اللّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: ((إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطفةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ، ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ، وَرِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ)).

فبعد ١٢٠ يوم نكون أمام نفس بشرية نفخت فيها الروح، فلا يجوز الإجهاض لأنه في ذلك الحال سيكون قتل للنفس.

وهذا الحكم هو محل إجماع بين فقهاء المسلمين، ولا يجوز بحال إجهاض الجنين بعدها، إلا في حالة ثبوت أن حياة الأم في خطر داهم إذا لم يتم ذلك، أو الحالة التي أضفناها وهي حالة موت الجنين داخل الرحم أصلا، وذلك مع الالتزام بالاجراءات القانونية التي أوضحناها لكم.

ما هي عقوبة الإجهاض في القانون الإماراتي؟:

بناء على كل ما سبق، فإذا لم تتوافر حالة من الحالات المسموح فيها بالإجهاض ومع ذلك أقدمت المرأة عليه .. فما هي العقوبة المقررة قانونا في هذه الحالة؟.

وردت هذه العقوبة في المادة (٣٩١) من المرسوم بقانون اتحادي رقم ٣١ لسنة ٢٠٢١ بإصدار قانون الجرائم والعقوبات الإماراتي، والتي وضعت أكثر من عقوبة لجريمة الإجهاض، تختلف باختلاف دور كل فاعل فيها:

الإجهاض في الإمارات
لا يعتد برضا المرأة أو عدم رضائها في جريمة الإجهاض، بل تتحقق في حقها الجريمة بمفردها إن قامت بها بدون مساعدة أو تدخل من الآخرين، كحالة تناولها حبوب الإجهاض، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copilot، خاصة بالقانون في الخليج.

  • المرأة الحبلي التي أجهضت نفسها: تعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، أو بالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف درهم، أو بالعقوبتين معا.
  • الشخص الذي أجهضها عمدا بأي وسيلة: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين أو بالغرامة التي لا تقل عن (10,000) عشرة آلاف درهم.
  • إذا كان الشخص الذي أجهضها طبيباً أو جراحاً أو صيدلانياً أو قابلة أو أحد الفنيين: تزيد العقوبة بشكل كبير لتصبح السجن المؤقت مدة لا تزيد على (5) خمس سنوات.

الملاحظة هنا أن القانون لم يجعل رضاء السيدة الحبلي بالإجهاض سببا لإعفاء الطبيب من المسؤولية الجنائية.

أيضا نلاحظ أن القانون الإماراتي قد تشدد مع مرتكب جريمة الإجهاض إذا كان طبيباً أو جراحاً أو صيدلانياً أو قابلة أو أحد الفنيين.

والعلة وراء ذلك أن هذه الفئة من السهل عليهم إرتكاب جريمة الإجهاض، لما لديهم من علم وخبرة، تسهل عليهم ذلك، علاوة على قدرتهم على إخفاء ملامح الجريمة، ما يشجع النساء اللواتي يردن الإجهاض إلي الذهاب إليهم.

لذا كان القانون متشددا مع هذه الفئة ليمنع أي شخص منها من مجرد التفكير في تلك الفعلة.

تنويه: إذا وقعت جريمة ضد حياة الجنين عند ولادته، فإنها في هذه الحالة تتحول من جريمة إجهاض إلي جريمة قتل.

عقوبة الإجهاض بغير رضا الأم في القانون الإماراتي:

كان حديثنا السابق عن الحالات التي تكون فيها المرأة الحبلي راغبة في الإجهاض .. لكن ماذا عن حالة الاعتداء عليها الذي يؤدي إلي إجهاضها.

الفقرة الرابعة من المادة ٣٩١ من قانون العقوبات والجرائم الإماراتي نصت على: ((ويعاقب بالسجن المؤقت مدة لا تزيد على (7) سبع سنوات من أجهض عمداً حبلى بغير رضاها)).

هذا النص كما نري لم يحدد أي وسيلة للإجهاض، بل العبرة فيها بالنتيجة وهي حدوث الإجهاض.

فيستوي في ذلك أن يكون جراء عملية جراحية، أو إعطاء الام حبوب تؤدي إلي إجهاضها، وهي لا تعلم أو تظن أنها أدوية، أو حتى من يعتدي عليها بالضرب أو الدفع فيؤدي ذلك إلي إجهاضها.

وفي النهاية، فقد أحسن المشرع الإماراتي في التعامل مع مسألة الإجهاض، إذ هو جرمه في البداية، ليمنع هؤلاء الذين يرتبكون جرائم مثل الدعارة أو الزنا من الحمل خارج إطار الزواج، ما ينتج عنه أطفال مشردين أو لا يعترف بهم ابائهم.

وهو في الوقت ذاته فتح الباب أمام الحالات التي تحتاج إلي الإجهاض لضرورة طبية، بإثبات تلك الضرورة، ثم سمح لهم بإجراء العملية، فيكون قد جمع بين الجواز والتجريم.

لأي استشارات بشأن الإجهاض في الإمارات .. أو أي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا) حيث نقدم إجابات شاملة ومجانية لمدة ٣ أيام على الأقل.

وفي الختام سلام..
القانون في الخليج
القانون في الخليج
القانون في الخليج هي منصة إلكترونية صنعت خصيصا للتوفير المعلومات القانونية الدقيقة والموثوقة لكافة العاملين بالقانون وحتى الأفراد العاديين في دول الخليج العربي. إذا كنت إستاذا في القانون، قاضيا، محاميا، أو حتى قارئ عادي فستوفر لك القانون في الخليج المعلومة القانونية التي تحتاجها وفورا.
تعليقات