جريمة الضرب في القانون الكويتي

لأن للجسد حرمة، عاقب قانون الجزاء الكويتي كل من اعتدي عليه بالضرب مهما كان بسيطا، via pxhere.

نظم قانون الجزاء الكويتي حالات وعقوبة جريمة الضرب، من أجل الحفاظ على أمن المجتمع وسلامته، وأن لا يعتدى القوى فيه على الضعيف.

فهناك أكثر من حالة لجريمة الضرب في القانون الكويتي، تختلف باختلاف وسيلة الضرب سواء باليد أو بالقدم أو باستخدام أداة، وكذلك النتيجة أو الإصابة التي حدثت نتيجة الضرب والاعتداء.

وكذلك تختلف حالات جريمة الضرب في القانون الكويتي من حيث العقوبة المقررة لها، وما إذا كانت جناية أو جنحة، ونعرضهم جميعا فيما يلي.

أولا: جريمة الضرب على نحو محسوس في القانون الكويتي:

هذه الحالة نظمتها المادة ١٦٠ من قانون الجزاء الكويتي والتي تنص على:
((كل من ضرب شخصاً أو جرحه أو ألحق بجسمه أذى أو أخل بحرمة الجسم، وكان ذلك على نحو محسوس، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تجاوز مائة وخمسين دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين)).

وهذه المادة تشترط أن تكون نتيجة الضرب (محسوسة) بمعني أن تترك أثرا على جسم المعتدي عليه، مثل كدمة أو خدوش أو سحجات أو قطع أو غير ذلك.. المهم أن يكون هناك شيء محسوس كما هو منصوص عليه في تلك المادة.

في هذه الحالة تكون العقوبة إما:

  1. الحبس مدة لا تجاوز سنتين وغرامة لا تجاوز ١٥٠ دينار.
  2. الحبس مدة لا تجاوز سنتين.
  3. غرامة لا تجاوز ١٥٠ دينار كويتي.

وتقدير العقوبة هنا يكون في يد القاضي وذلك على حسب الجريمة والاصابات، فله أن يجمع بين الحبس والغرامة، وبين أن يكتفي بواحدة منهما.

ثانيا: جريمة الضرب بأداة مع حدوث أذي بليغ في القانون الكويتي:

هذه الحالة نظمتها المادة 161 من قانون الجزاء الكويتي والتي نصت على:
((كل من احدث بغيره اذى بليغا ، برميه بأي نوع من انواع القذائف ، او بضربه بسكين او اية آلة خطرة اخرى ، او بقذفه بسائل كاو او بوضعه هذا السائل او أية مادة متفجرة في أي مكان بقصد ايذائه ، او بمناولته مادة مخدرة ، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات، ويجوز ان تضاف اليه غرامة لا تجاوز ٧٥٠ دينار كويتي)).

هذه المادة نلاحظ أنها تفترض عدة شروط في جريمة الضرب وهي:

  1. أن يكون الأذى الناتج عنه بليغ.
  2. أن يكون الضرب قد تم بأداة، وهنا لا يشترط أداة معينة، لكن يفهم من النص أن الآلة يجب أن تكون خطيرة (مثل قطعة خشبية غليظة أو ماسورة معدنية أو آلة حادة)، وتقدير هذا الأمر يرجع إلى عقيدة المحكمة.

إذا اجتمع هذين الشرطين معا .. فهنا نجد أن العقوبة قد أصبحت قاسية، وهذا أمر طبيعي لأن الفعل نفسه قاسي، فنجدها حبس لمدة لا تجاوز ١٠ سنوات، ومن الممكن للقاضي أن يحكم بغرامة إضافية لا تتجاوز ٧٥٠ دينار كويتي.

ثالثا: جريمة الضرب المؤدية إلى عاهة مستديمة في القانون الكويتي:

قد يؤدي الضرب في بعض الحالات إلى حدوث عاهة مستديمة في جسم المعتدي عليه، وهذا أمر يحدده الطب.

القانون الكويتي خصص لهذه الحالة الفقرة الأولى من المادة ١٦٢ من قانون الجزاء والتي نصت على:
((كل من احدث بغيره اذى افضى الى اصابته بعاهة مستديمة يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات، ويجوز ان تضاف اليه غرامة لا تجاوز ٧٥٠ دينار كويتي)).

ونلاحظ هنا أن العقوبة مماثلة تماما لعقوبة الحالة السابقة.

هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يوجد حكم من (محكمة التمييز الكويتية) وهي أعلى محكمة في دولة الكويت بأن فقد الأسنان لا يشكل عاهة مستديمة.

ولا يشترط لاعتبار أن العاهة المستديمة قد وقعت لعضو من أعضاء الجسم أو حواسه، أن يتم قطع هذا العضو تماما، أو فقدان الحاسة بشكل كامل.

فالعاهة المستديمة تقع ولو تأثرت الحواس (كالسمع والشم والنظر) بنسبة معينة، فإذا تسبب الإعتداء في ضعف البصر أو السمع على سبيل المثال، ولو بنسبة معينة، يعتبر ذلك ضرب مفضي إلي عاهة مستديمة.

رابعا: جريمة الضرب المؤدية إلى عجز أكثر من ٣٠ يوم في القانون الكويتي:

هذه الحالة والتي تسمي أيضا (جريمة إحداث آلام بدنية شديدة)، نظمتها الفقرة الثانية من المادة ١٦٢ من قانون الجزاء الكويتي، حيث نصت على:
((يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمسة سنوات وبغرامة لا تجاوز ٣٧٥ دينار، او باحدى هاتين العقوبتين ، اذا افضت افعال الاعتداء الى اصابة المجني عليه بآلام بدنية شديدة او الى جعله عاجزا عن استعمال عضو او اكثر من اعضاء جسمه بصورة طبيعية خلال مدة تزيد على ثلاثين يوما دون ان تفضي الى اصابته بعاهة مستديمة)).

هذه الحالة تفترض أن هناك نتيجة للضرب استمرت أكثر من 30 يوم ما يعكس لنا مدى قوة الضرب وشدته، ولذا فعقوبتها أقوى من الضرب المحسوس الذي تحدثنا عنه في الحالة الأولى.

من الأمثلة على ذلك: (كسر القدم أو اليد إذا احتاج لعلاج أكثر من ٣٠ يوم).

في هذه الحالة تصبح العقوبة حبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات، وغرامة لا تجاوز ٣٧٥ دينار، أو بإحدي هاتين العقوبتين... ولا يشترط أن يكون الجاني يقصد أن تحدث للمجني عليه، بل العبرة بنتيجة الضرب وليس بالنية التي كانت في ذهن الجاني.

خامسا: جريمة الضرب الخفيف في القانون الكويتي:

لم يهمل قانون الجزاء الكويتي حتى حالات الضرب الخفيفة، لأنها في النهاية تمثل اعتداء على الجسد وهو أمر محرم في الشريعة والقانون.

فنجد المادة ١٦٣ تنص على:
((كل من ارتكب فعل تعد خفيف ، لا يبلغ في جسامته مبلغ الافعال المنصوص عليها في المواد السابقة ، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة اشهر وبغرامة لا تجاوز ٢٢ دينار و ٥٠٠ فلس او باحدى هاتين العقوبتين)).

من الأمثلة على ذلك، من صفع شخص على وجهه، أو دفعه بشكل عنيف فأسقطه أرضا، أو ركله بقدمه أو غير ذلك من الحالات المشابهة.

وإن كانت هذه الحالة بالتحديد يحتاج صاحبها لشهود أو حتى تسجيل كاميرا سجلت الواقعة، لأنها قد لا تترك أثرا أصلا على جسده يثبت وقوع الضرب أو حتى البصق في الوجه أو الرش بالماء أو الجذب بقبضة اليد أو الذراع.

وهذه الحالة تتشابه كثيرا مع الحالة الأولى التي أشرنا إليها وهي (جريمة الضرب على نحو محسوس)، وإن كانت الأولى تترك أثرا كما أوضحنا.

سادسا: جريمة الضرب المفضي إلي الموت في القانون الكويتي:

تنص المادة ١٥٢ من قانون الجزاء الكويتي على: ((كل من جرح أو ضرب غيره عمدا، أو أعطاه مواد مخدرة، دون أن يقصد قتله، ولكن الفعل أفضي إلي موته، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنين، ويجوز أن تضاف إليه غرامة لا تجاوز سبعمائة وخمسة وسبعين دينارا)).

فأي شخص يضرب أو يجرح شخص آخر أو يعطيه مادة مخدرة -المادة المخدرة بحسب تعريف محكمة التمييز الكويتية هي كل مادة من شأنها أن تؤثر في إدراك الشخص وإرادته وتحدث خللا في وظائف أعضاء الجسم-، وبذلك يدخل فيها المخدرات أو الخمر أو حتى الأدوية التي تسبب ذلك التأثير.

ويجب هنا أن تكون نية الجاني مقتصرة على الجرح أو الضرب أو إعطاء المادة المخدرة، وليس القتل، لأنها لو كان ينوي قتله، سنصبح أمام جريمة قتل عمد.

متي يكون الضرب مباحا في القانون الكويتي؟:

قد يبدو السؤال غريبا، لكن بالفعل هناك بعض الحالات التي يبيح فيها القانون الكويتي للشخص ضرب شخص آخر، وتتمثل هذه الحالات فيما يلي:

  1. حالة الدفاع الشرعي عن النفس: في هذه الحالة، إذا وجد شخص أن هناك من يريد ضربه، فالقانون الكويتي لا يقول له دعه يضربك .. بل إذا كنت تستطيع الدفاع عن نفسك وضربه فأفعل، لكن بشرط (عدم التعدى) وهو أن يقتصر ضربك على الدفاع عن نفسك .. فإذا تمكنت منه فلا تزيد من الضرب لأنه في هذه الحالة تنتهي حالة الدفاع الشرعي عن النفس، وتتحول أنت إلي مرتكب جريمة الضرب.
  2. حالة أداء الواجب: مثلا شرطي يقوم بمحاولة الإمساك بتاجر مخدرات، فقام الأخير بمحاولة ضرب الشرطي للهرب، ففي هذه الحالة يبيح القانون الكويتي للشرطي ضربه دفاعا عن نفسه وهنا أيضا يشترط أن يتوقف الضرب عند الإمساك به ووضع الأساور في يده.
  3. حق التأديب: وهو الحق المقرر للوالدين على أبنائهم، ويشترط فيه أن لا يكون ضربا مبرحا ولا يترك أثرا أو علامة، ولنا في رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أسوة حسنة، فهو لم يضرب أيا من أبناءه أبدا .. وحتى حينما قال أنه سيضرب فإنه قال سيضرب بالسواك، وكما نعلم جميعا فالسواك ليس آلة ضرب ولا يؤلم أصلا.
وبهذا ينتهي تقريرنا عن جريمة الضرب في القانون الكويتي، والذي أوضحنا فيه مختلف حالاته وشروط كل حالة، والعقوبة المقررة لكل منها، كما بينا حالات الضرب التي لا يعتبرها قانون الجزاء الكويتي جريمة.

لأي استشارات بشأن جريمة الضرب في الكويت.. أو اي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا).

وفي الختام سلام..
المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات الإستراتيجية والسياسية، هي محاولة عربية جادة لتقديم أهم الأخبار العربية والعالمية مع التركيز علي تحليل مدلولاتها، لكي يقرأ العرب ويفهمون ويدركون. نمتلك في المعرفة للدراسات عددا من أفضل الكتاب العرب في عديد من التخصصات، لنقدم لكم محتوى حصري وفريد من نوعه. facebook twitter
تعليقات