عقد البيع في نظام المعاملات المدنية السعودي

كان من أهم النقاط التي نظمها (نظام المعاملات المدنية السعودي) الصادر في ٢٩ ذي القعدة عام ١٤٤٤ ه‍. التفاصيل الخاصة بعقد البيع.

عقد البيع في النظام السعودي.
عقد البيع في النظام السعودي.

جاء ذلك في الباب الأول الذي حمل عنوان (العقود الواردة على الملكية)، والذي خصص المشرع السعودي الفصل الأول منه لعقود البيع.

تعريف عقد البيع في السعودية:

عرفت المادة (٣٠٧) من نظام المعاملات المدنية السعودي عقد البيع بأنه: (البيع عقد یُملَك بمقتضاه البائع المبيع للمشتري مقابل ثمن نقدي).

هذا التعريف ضم فيه أهم شروط عقد البيع في السعودية وهو أن يكون هناك مقابل، وحدد أن يكون المقابل "ثمن نقدي".

شرطا المبيع والثمن في عقد البيع في السعودية:

حمل الفرع الأول من الفصل الأول عنوان (المبيع والثمن).

أول مادة في هذا الفرع هي المادة (٣٠٨)، ونص البند رقم ١ منها على:

(يجب أن يكون المبيع معلوما للمشتري برؤيته أو ببيان صفاته المميزة له).

وهنا ننتقل إلى الواقع العملي، فمن يذهب لشراء قطعة أرض أو منزل على سبيل المثال، فإنه وقبل الاتفاق يذهب ليري الأرض أو المنزل ليتبين هل أعجبته ام لا؟.

وننتبه عند كتابة عقد البيع في السعودية من ما نص عليه البند من نفس المادة (٣٠٨):

(إذا تضمن عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع فلا حق له في طلب إبطال العقد لعدم العلم إلا أثبت تغرير البائع به).

ونضرب هنا مثالا بقضية عملية تمثلت في قيام إحدي المصالح بشراء "مصاعد كهربائية"، ثم قامت الشركة المتعاقد معها بتركيبها.

وقام المختصين في المصلحة الحكومية بتسلم المصاعد بعد تركيبها وتأكدوا من أنها تعمل بطريقة صحيحة، من حيث مثل فتح وغلق الأبواب، الوقوف في الطابق المطلوب وهكذا.

ويمر بعض الوقت ثم تحدث كارثة ويسقط أحد هذه المصاعد من ارتفاع عالى، مما يتسبب في حالات وفاة وإصابات.

بعد التفتيش الفني الدقيق تبين أن المصاعد لم تكن مزودة بوسائل الأمان المتفق عليها في العقد والتي تبطئ من سرعة المصعد إذا سقط.

كان العقد ينص على أن المشتري عالم بالمبيع، لكن في هذه الحالة كان هناك (تغرير) من الشركة التي باعت المصاعد لأنها تعمدت عدم تركيب وسائل الأمان والتي لا يمكن اكتشاف عدم وجودها بالفحص العادي لأداء المصاعد.

وبالرغم من أن هذا المثال حدث بعد تنفيذ العقد فعلا، إلا أننا أردنا إيضاح فكرة كيف يحدث التغرير من البائع، لكن إذا ما أردتم مثالا بسيطا ومباشرا، فهناك مثلا حالة بيع قطعة أرض ويقوم البائع فيها بالتغرير بالمشتري كأن يبيع له قطعة أرض ثم يكتشف أن عليها نزاع قضائي مثلا.

تقدير الثمن في عقد البيع في السعودية:

في الغالب الأعم من عقود البيع يكون تقدير الثمن بناء على اتفاق بين طرفي العقد.

ومع ذلك وضع نظام المعاملات المدنية السعودي بعض القواعد للسير عليها في سبيل الوصول إلى هذا الاتفاق، وذلك حينما نصت المادة (٣١٣) منه على:

((يصح أن يقتصر تقدير الثمن على بيان أسس صالحة يتحدد بمقتضاها)).

فمثلا لو كان هناك بيع لشقة، فإن هناك أسس صالحة يتحدد بمقتضاها سعرها مثل مساحتها، الحي الذي تقع فيه، الخدمات المحيطة بها وهكذا.

وتنص المادة (٣١٤) على:

((إذا اتفق المتعاقدان على تحديد الثمن بسعر السوق، اعتبر سعر السوق في زمان البيع ومكانه، فإن لم يكن في مكان البيع سوق، اعتبر المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره سارية)).

مثلا: زوج يريد شراء ذهب بتاريخ معين لزوجته ولكنه يريد حضورها في هذا التاريخ للاختيار، فهنا يتم الاتفاق مع البائع على أن يكون السعر بتاريخ يوم كذا.

وعلى عكس القوانين في بعض الدول الأخرى والتي تشترط أن يتم الاتفاق على سعر المبيع وتضمينه في العقد وإلا اعتبر عقدا باطلا، فإن نظام المعاملات المدنية السعودي أجاز أن لا يحدد الطرفين السعر، وذلك في المادة (٣١٥) منه، والتي نصت على:

((إذا لم يحدد المتعاقدان ثمنا للمبيع فلا يترتب على ذلك بطلان البيع متي تبين من الظروف توجه إرادتهما إلى سعر السوق أو السعر الذي جري عليه التعامل بينهما)).

طرق دفع ثمن عقد البيع في السعودية:

ننتقل الآن إلى المادة ٣١٧ من (نظام المعاملات المدنية السعودي) والتي حددت طرق دفع ثمن عقد البيع في السعودية.

فنصت في البند ١ منها أن الأصل هو أن يتم دفع الثمن معجلا في وقت إبرام العقد، لكنها أيضا أعطت الحرية للمتعاقدين في تأجيله إلي تاريخ معين، أو تقسيطه مع تحديد نهاية تاريخ هذه الأقساط.

بالطبع عمليا ننصحكم بضرورة كتابة قيمة الأقساط كذلك في العقد وبيان طريقة السداد وإثبات سداد كل قسط.

كما وضع البند رقم ٢ من ذات المادة تعاملا مع حالة الثمن المؤجل أو المقسط، فأفترضت أن الأجل أو تاريخ الأقساط يبدأ من تاريخ إبرام العقد، ومع ذلك فقد أعطت الحق لطرفي العقد في الاتفاق على غير ذلك، كأن يتم الاتفاق على أن يبدأ تاريخ الأجل أو القسط بعد شهر مثلا من إبرام العقد أو أي مدة يتفقون عليها.

التزامات البائع في عقد البيع في السعودية:

يفرض (نظام المعاملات المدنية السعودي) عددا من الالتزامات على البائع في عقد البيع، أولها وأهمها:

  • الالتزام بنقل الملكية:

وهذا يحدث بقوة القانون بمجرد انعقاد البيع، ومع ذلك فإن البند 2 من المادة ٦٥٦ من نظام المعاملات المدنية السعودي تجعل نقل الملكية في حالة إذا ما كان الشيء الذي يباع من الأشياء التي يتم تعيينها بالنوع لا تتم إلا بعد إفراز هذا الشيء.

كما نصت المادة ٦٥٧ على أنه إذا كان هناك نص يشترط (إجراء معين) من أجل نقل الملكية، فإنه يجب تنفيذ هذا الإجراء.

هذا وتلزم المادة ٣١٩ من نظام المعاملات المدنية البائع بأن يقوم بما هو ضروري من جانبه لنقل ملكية المبيع للمشتري، والامتناع عن أي عمل من شأنه أن جعل نقل الملكية مستحيل أو حتى عسير.

ومنحت المادة ٣٢٠ من النظام في بندها الأول للبائع الحق في أن يضع بندا في العقد يشترط فيه أن يعلق نقل الملكية إذا كان البيع بالقسط أو مؤجل دفع ثمنه، وذلك حتى دفع كامل الثمن، حتى ولو كان قد سلم الشئ المبيع.

وفي هذه الحالة، فعندما يسدد المشتري كامل الثمن، فإن ملكيته للشيء المباع يكون من يوم العقد وليس من يوم إتمام الثمن.

عقد البيع بالعينة في السعودية:

ثم ننتقل إلى المادة (٣٠٩) من نظام المعاملات المدنية السعودي والتي عالجت أحد أشهر الأمثلة على عقود البيع بين التجار، وهو (البيع بالعينة).

المقصود بالبيع بالعينة هو أن يعرض البائع على المشتري عينة أو عينات من الشئ الذي يريده المشتري، (مثال: شركة تصنيع أجهزة إلكترونية تعرض عينات من منتجاتها على تاجر كبير)، (مثال ٢: صاحب مزارع فاكهة يعرض عينات من منتجاته على تاجر)، (مثال ٣: شركة استثمار عقاري تبيع عقارات أو شقق في مشاريع قيد الانشاء).

أوضح البند ١ من مادة ٣٠٩ أنه في حالة البيع بالعينة يجب أن يكون المبيع مطابقا لها، فالتاجر الذي سيشتري أجهزة هاتف ذكي مثلا لابد أن تكون كلها بنفس مواصفات الهاتف العينة.

ماذا يحدث إذا فقدت العينة أو تلفت؟.

إذا لم بكن هناك اختلاف بين البائع والمشتري حتى بعد فقدان العينة أو تلفها فلا مشكلة .. لكن ما الحل إذا حدث خلاف؟.

يجيب على هذه الحالة البند ٢ من مادة ٣٠٩ من نظام المعاملات المدنية السعودي بأنه:

((إذا فقدت العينة أو تلفت في يد أحد المتعاقدين ولو من غير خطأ منه، واختلفا في مطابقة المبيع للعينة، فالقول للمتعاقد الآخر -أي من لديه عينة سليمة- ما لم يثبت من فقدت أو تلفت العينة في يده عكس ذلك)).

وطبعا يمكن إثبات ذلك بمختلف طرق الإثبات مثل: (مسودة اتفاق موقع عليها من الطرفين تشمل مواصفات المبيع، صور .. إلخ).

عقد البيع بالتجربة في السعودية:

في المادة ٣١٠ نجد حالة (البيع بالتجربة) وهي حالة قليلة وغير منتشرة لكنها موجودة، لذا كان لابد للنظام من أن يوضح أحكامها.

والبيع بالتجربة هو بيع يقوم فيه البائع بتسليم الشئ المباع للمشتري ليجربه فترة معينة، فإذا وجد أنه يناسبه أتم البيع بشكل كامل.

ونصت المادة ٣١٠ على جواز هذا البيع، وحق المشتري في فسخه حينما نصت على:

((يجوز البيع بشرط التجربة خلال مدة معينة، وإذا لم يعين المتبايعان المدة، حملت على المدة المعتادة للتجربة، وعلى البائع تمكين المشتري منها، وللمشتري فسخ البيع ولو لم يجرب المبيع بشرط إعلام البائع بالفسخ خلال مدة التجربة)).

أما المادة ٣١١ فتسقط حق المشتري في فسخ عقد البيع بالتجربة حينما نصت على:

((إذا أسقط المشتري حقه في الفسخ صراحة أو ضمنا، أو تجاوز في استعمال المبيع حد التجربة، أو هلك المبيع أو تلف بفعل المشتري أو بعد تسلمه، أو مضت المدة المتفق عليها دون فسخ مع تمكنه من التجربة، لزم البيع بالثمن المتفق عليه مستندا إلي وقت انعقاده)).

وتنص المادة ٣١٢ على:

((إذا تبين من الاتفاق أو ظروف الحال أن البيع بشرط التجربة معلق على قبول المشتري للمبيع، لم ينفذ البيع إلا بقبوله)).

لأي استشارات أو قضايا بشأن عقود البيع في السعودية.. أو اي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا).

وفي الختام سلام عليكم.
المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات الإستراتيجية والسياسية، هي محاولة عربية جادة لتقديم أهم الأخبار العربية والعالمية مع التركيز علي تحليل مدلولاتها، لكي يقرأ العرب ويفهمون ويدركون. نمتلك في المعرفة للدراسات عددا من أفضل الكتاب العرب في عديد من التخصصات، لنقدم لكم محتوى حصري وفريد من نوعه. facebook twitter
تعليقات