كل شيء عن قانون الأحداث العماني

اجتماع بين ممثلي دائرة شؤون الاحداث ووحدة شرطة الاحداث ومساعد المدعى العام مدير إدارة قضايا الاحداث.
اجتماع بين ممثلي دائرة شؤون الاحداث ووحدة شرطة الاحداث ومساعد المدعى العام مدير إدارة قضايا الاحداث.

في الأول من ربيع الأول سنة ١٤٢٩ ه‍ الموافق ٩ مارس ٢٠٠٨ صدر المرسوم السلطاني رقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٨ بإصدار قانون (مساءلة الاحداث) في سلطنة عمان.

من هو الحدث في القانون العماني؟:

لعل من المهم في البداية أن نعرف ما هو السن الذي نقول عنده أن هذا الفتي أو الفتاة لا يزال "حدث".

المادة ١ من المرسوم السلطاني رقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٨، عرفت الحدث بأنه: (كل ذكر أو أنثى لم يكمل الثامنة عشر من العمر).

نفس المادة عرفت (الحدث الجانح) بأنه: (كل من بلغ التاسعة ولم يكمل الثامنة عشر وارتكب فعلا يعاقب عليه القانون).

نلاحظ هنا أن التعريف اشترط في (الحدث الجانح) أن يكون قد بلغ التاسعة من عمره، وذلك لأنه إذا كان أصغر من ذلك فإنه يعتبر "غير مميز" بمعني أنه لا يحاسب على أفعاله.

والعبرة في تحديد السن هنا وفقا للمادة ٢ من قانون الأحداث العماني هي (شهادة الميلاد)، فإن لم يكن له شهادة ميلاد يتم تقدير عمره بمعرفة (وزارة الصحة).

متي يعتبر الحدث معرض للجنوح؟:

مما تميز به (المرسوم السلطاني رقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٨) أنه لم ينتظر أن يرتكب الحدث جنحة أو جناية ثم وضع العقوبة لها.

بل لقد سبق بخطوة، عندما وضع بعض (الإشارات أو العلامات) التي إن ظهرت على الحدث يعتبر "معرض للجنوح" ووضع إجراءات للتعامل معه، وتصحيح مسار حياته.

وهذه النوعية من القوانين تستحق التقدير لأنها لا تسعي لإنزال العقوبة فقط، بل تبحث أولا عن منع الجريمة.

فحددت المادة ٣ من قانون الأحداث العماني الحالات الآتية واعتبر الحدث معرضا للجنوح إذا حدثت أي واحدة منها:

أ- إذا لم يكن له محل إقامة معروف أو كان يقيم أو يبيت عادة في أماكن غير معدة للإقامة أو المبيت.
ب- كان سيء السلوك مارقا من سلطة أبيه أو وليه أو وصيه أو المؤتمن عليه أو من سلطة أمه متى كان مشمولا برعايتها.
ج- إذا اعتاد مخالطة الجانحين أو المعرضين للجنوح أو الذين عرف عنهم سوء السيرة.
د- إذا اعتاد الهروب من البيت أو المدرسة أو من معاهد التعليم أو التدريب.
ه‍- إذا لم تكن له وسيلة مشروعة للعيش أو لم يكن له عائل مؤتمن.
و- إذا وجد في بيئة تعرض سلامته الأخلاقية أو النفسية أو الجسدية أو التربوية للخطر.

هذه الحالات كلها بالفعل تعتبر "أجراس إنذار" تحذر من أن هذا الحدث في طريقه للجنوح.

وأضاف القانون حالة أخيرة، وهي الحالة التي يكون وللأسف قد وقعت الجريمة، ولكنه يكون غير مميز.

ز- إذا ارتكب فعلا يشكل جناية أو جنحة وكان دون التاسعة من عمره.

دائرة شؤون الأحداث:

وضع المرسوم السلطاني رقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٨ عددا من الآليات للتعامل مع الحدث المعرض للجنوح.

البداية من المادة ٤ التي تحدثت عن (دائرة شؤون الأحداث)، وهي دائرة تتبع (وزارة التنمية الاجتماعية) وتتولى دراسة حالات هؤلاء الأحداث الجانحين أو المعرضين للجنوح.

بعد دراسة الحالة، تقدم الدائرة تقريرا عنها، كما تتولي الاشراف والتنفيذ على بعض الأمور منها (متطلبات الاختبار القضائي) و (الإفراج الشرطي) و (الإفراج النهائي) وإجراءات الرعاية اللاحقة، بالإضافة إلى ما قد يسند إليها من مهام من وزير التنمية الاجتماعية.

المراقب الاجتماعي:

بحسب المادة ٥ من قانون الأحداث العماني، خرج للنور وظيفة تسمي (المراقب الاجتماعي)، وبالنظر لاختصاصاته فهو أهم حلقة في مسألة تصحيح أوضاع حياة الحدث المعرض للجنوح.

فهذا المراقب الاجتماعي، يتولي تنفيذ ما يلي:

أ- تنفيذ متطلبات تدبير الوضع تحت الاختبار القضائي، وله في هذا الشأن زيارة الحدث الجانح في محل إقامته أو محل عمله وتقديم النصح والمشورة والمساعدة لحل مشكلاته.
ب- تنفيذ أي تدبير آخر تقرره المحكمة.
ج- تنفيذ متطلبات البحث الاجتماعي.
د- تنفيذ متطلبات الإفراج الشرطي.
ه‍- تقديم تقرير دوري مرة كل شهر عن حالة الحدث الجانح، وللمراقب أن يطلب إنهاء التدبير المحكوم به أو تعديل مدته أو إبداله أو إضافة أي تدبير آخر.

كما أن (المراقب الاجتماعي) هو من يتلقي من الشخص الذي يتولي رعاية الحدث أي معلومات مهمة تخصه مثل: (تغيير محل إقامته، وفاته، غيابه عنه بدون اذن) أو غير ذلك مما قد يطرأ على الحدث خلال ٣ أيام من تاريخ حدوث الواقعة (المادة ١٣ من القانون).

وبناء على هذه الاختصاصات المهمة بل والخطيرة، فإننا نوصي بانتقاء أفضل العناصر لهذه الوظيفة، وذلك لأن بين أيديهم أمانة خطيرة وهي مستقبل وعمر أفراد .. والبشر والحفاظ عليهم من الضياع هي مسألة من مسائل "الأمن القومي".

وحدة شرطة الاحداث:

وحدة شرطة الاحداث هي وحدة مختصة في شرطة عمان السلطانية.

مهام هذه الوحدة الفريدة من نوعها حددتها المادة ٦ من المرسوم السلطاني رقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٨، فيما يلي:

  1. جمع الاستدلالات في قضايا الأحداث.
  2. ضبط الجانحين منهم أو المعرضين للجنوح، وذلك بمراعاة الإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية.
وأضافت المادة 17 بعض الاختصاصات الأخرى لوحدة شرطة الاحداث، حينما نصت على:

((على وحدة شرطة الأحداث إذا وجدت الحدث في إحدى حالات التعرض للجنوح المنصوص عليها في المادة (٣) أن تسلمه إلى أحد والديه أو من له عليه حق الولاية أو الوصاية، وفي حالة امتناع أي منهم عن تسلم الحدث يعرض الأمر من الادعاء العام على المحكمة لتأمر بإلحاقه بدار توجيه الأحداث أو أية جهة معتمدة لرعايتهم)).

إجراءات محاكمة الاحداث في القانون العماني:

نظرا لأن (قانون الأحداث العماني) يتعامل مع حالات صغار السن ويحرص أصلا في فلسفته على الإصلاح أكثر من حرصه على العقوبة فقد وضع في المواد من ٧ : ١٢ من هذا القانون نصوص استثنائية لتنظيم إجراءات محاكمة الاحداث تختلف عن تلك التي ينص عليها قانون الإجراءات الجزائية العماني.

فنص على:

  • أن من يتولي إجراءات التحقيق ورفع الدعوى العمومية ومباشرتها أمام المحكمة في قضايا الاحداث يكونون أعضاء من الإدعاء العام مخصصين لهذه النوعية من القضايا.
  • في حالة كون الحدث مارق من سلطه أبيه أو وصيه أو وليه أو أمه أو كان سئ السلوك.. ففي هذه الحالة يشترط لإتخاذ أي إجراء بحقه أن يكون ذلك بإذن من أيا منهم حسب الأحوال.
  • لا تسجل الاحكام الصادرة ضد الاحداث الجانحين في صحيفة السوابق، ولا تسرى عليهم أحكام التكرار المنصوص عليها في قانون الجزاء العماني، وهو نص جيد ليمنح فرصة لهؤلاء الاحداث لاستكمال حياتهم دون أن تطاردهم وصمة جريمة قد ارتكبوها لضعف خبرة أو ظروف سيئة.
  • لا يجوز توقيع عقوبة الغرامة على الاحداث.
  • كما يعفي الاحداث من أي رسوم أو مصاريف أمام محاكم الاحداث بمختلف درجاتها.
  • يحظر بغير اذن من المحكمة نشر اسم الحدث أو صورته أو وقائع المحاكمة أو ملخصها أو خلاصة الحكم أو منطوقه في الكتب أو وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئية أو بأية طريقة أخرى.

العقوبات في قانون الاحداث العماني:

الفصل الثاني من المرسوم السلطاني رقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٨ بإصدار قانون (مساءلة الاحداث) في سلطنة عمان، جاء تحت عنوان (التدابير والعقوبات).

يبدأ هذا الفصل من المادة ١٤، ونجد فيه أنواع مختلفة من التدابير، مثل تدابير الرعاية وتدابير الاصلاح.

وفي المادة ١٥، نجد تدابير الرعاية، والتي تشمل:

أ- تسليم الحدث إلى أي من الآتي ذكرهم ممن تتوافر فيه الضمانات الأخلاقية واستطاعة القيام برعايته:

– أبويه أو أحدهما.

– من له ولاية أو وصاية عليه.

– أحد أفراد أسرته أو أقاربه.

– أسرة بديلة تتعهد برعايته.

– دار توجيه الأحداث أو أية جهة معتمدة لرعاية الأحداث.

ب- توبيخ الحدث وتحذيره: وقد أوضحت المادة ١٦ أن هذا يكون من خلال توجيه اللوم والتأنيب إليه على ما صدر منه وحثه على السلوك القويم، وتحذيره بألا يعود إلى السلوك الذي استوجب توبيخه.
ج- منع الحدث من ارتياد أماكن معينة.
د- منع الحدث من مزاولة عمل معين.

والملاحظ أن كل هذه التدابير لا تتسم بالعنف أو الإيلام أو الانتقام كما هو الحال دوما في العقوبات في مختلف القوانين، بل هي تدابير تسعي لإبعاد الحدث عن مصادر الشر والخطر، وتقويم أسلوب حياته.

حالات المادة ١٨ من قانون الأحداث العماني:

المادة ١٨ هي من المواد المهمة في المرسوم السلطاني رقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٨، لأنها وضعت قواعد منظمة للعديد من المسائل.

من حيث:
  • الجمع بين أكثر من تدبير: أتاحت المادة ١٨ من قانون الاحداث العماني أن يتم تطبيق أحد هذه التدابير أو أكثر من تدبير في آن واحد.
  • الحد الزمني: أن لا يتجاوز الحدث الثامنة عشر من عمره وقت تطبيق هذه التدابير.
  • الأقل من ٩ سنوات: يقتصر على أحد التدبيرين المنصوص عليهما في البندين (أ) و(ب) من المادة (١٥).
  • الحدث الذي لا مال له ولا يوجد من يلزم بالانفاق عليه: جعل المحكمة ملزمة بأن تحكم بتسليمه إلي دار توجيه الأحداث أو أية جهة معتمدة لرعايتهم.

تدابير الاصلاح في قانون الاحداث العماني:

حددت المادة ٢٠ من المرسوم السلطاني رقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٨ تدابير الاصلاح.

تدابير الاصلاح تعتبر هي المرحلة الثانية من التدابير التي يستعين بها القانون من أجل إنقاذ الحدث من السير في طريق الجريمة حينما تفشل تدابير الرعاية في ذلك، لذا نجد أنها أخذت مسارا تصاعديا أكثر.

وهي كما وردت بالترتيب في نص المادة:

أ- الإيداع في دار إصلاح الأحداث:
حسب المادة ٢١، يكون هذا الإجراء بناء على (حكم محكمة)، بحد أقصى ٥ سنوات في الجنايات وسنتين في الجنح، وفي حالة إذا كان الحدث مصاب بعاهة يودع في دار مناسبة لتأهيله، وعلى أي حال لا يجوز بقاؤه في الدار إذا أكمل ١٨ سنة، فإذا أكملها وكانت المدة المتبقية من الحكم أكثر من سنة، ينقل إلى السجن، باستثناء حالتين هما:
  1. أن يكون ذا عاهة.
  2. إذا قررت المحكمة بقاؤه في الدار.
هذا وترفع دار إصلاح الاحداث تقرير كل ٦ شهور عن حالته إلى المحكمة.

ب- الوضع تحت الاختبار القضائي.
ج- الإلحاق بالتدريب المهني.
د- الإلزام بواجبات معينة.
ه‍- الإيداع في مؤسسة صحية.

لأي استشارات بشأن قانون الاحداث في سلطنة عمان.. أو اي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا).

وفي الختام سلام عليكم.

المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات الإستراتيجية والسياسية، هي محاولة عربية جادة لتقديم أهم الأخبار العربية والعالمية مع التركيز علي تحليل مدلولاتها، لكي يقرأ العرب ويفهمون ويدركون. نمتلك في المعرفة للدراسات عددا من أفضل الكتاب العرب في عديد من التخصصات، لنقدم لكم محتوى حصري وفريد من نوعه. facebook twitter
تعليقات