في بعض الأحيان، يفكر أحد الزوجين في تفتيش هاتف الآخر، وغالبا ما يكون ذلك نتيجة لأحد أسوء المشاعر في أي علاقة سواء كانت زوجية أو صداقة أو حتى عمل .. إنه ((الشك))، ويليه سبب يخص النساء وهو ((الغيرة)).
كلا السببين يشتركان في شعور الشخص الذي يقوم بتفتيش هاتف الآخر بأن هناك شيئًا ما يحدث خلف الكواليس ويريد معرفته.
في هذا التقرير نبحث عن موقف القانون العماني من قيام أحد الزوجين بتفتيش هاتف الآخر.
موقف قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات العماني من تفتيش هاتف الزوج أو الزوجة:
تفتيش الزوجة لهاتف زوجها أو العكس أمر محرم في الدين، مجرم في القانون العماني، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copilot، خاصة بالقانون في الخليج. |
لن يحتاج الشخص إلي البحث طويلا بين نصوص المرسوم السلطاني رقم ١٢ لسنة ٢٠١١ بإصدار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات العماني حتى يعرف أن هذا القانون يجرم تفتيش أي شخص لهاتف أي شخص آخر وذلك في المادة رقم ٣ منه.
هذه المادة طويلة للغاية، وتحتوى على العديد من الأحكام التي لا صلة لها بموضوع تقريرنا اليوم، لذا فإننا نكتفي بذكر والتعليق على ما يهمنا منها في موضوعنا.
ونبدأ مع ((كل من دخل عمدا ودون وجه حق .... أو وسائل تقنية المعلومات أو جزءا منها أو تجاوز الدخول المصرح به إليها، ....)).
وبالطبع فإن تفتيش هاتف الزوج أو العكس، يكون (عمدا)، والهاتف الذكي يعد أحد وسائل تقنية المعلومات، والتي جاء تعريفها بل وذكرها صراحة في المادة رقم ١ من الفصل الأول من القانون، والتي نصت على أنها: ((جهاز إلكتروني يستخدم لمعالجة البيانات والمعلومات الإلكترونية أو تخزينها أو إرسالها أو استقبالها، كأجهزة الحاسب الآلي وأجهزة الاتصال)).
وهذا النص يشمل تفتيش أي جزء من الهاتف سواء كان:
- تطبيقات المراسلة مثل (واتس اب أو تيليجرام).
- تطبيقات التواصل الاجتماعي.
- الصور.
- الرسائل النصية.
- المحادثات الهاتفية وتواريخها.
- أي شيء آخر على الهاتف.
عقوبة تفتيش هاتف الزوج أو الزوجة في عمان:
إذن، وبعد أن عرفنا أن القانون العماني يجرم تفتيش أيا من الزوجين لهاتف الآخر، فالسؤال البديهي الآن ما هي عقوبة هذه الجريمة إذن؟.
إذا نجد نص العقوبة كذلك في المادة رقم ٣ من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والتي جاءت متدرجة حسب ما حدث خلال التفتيش نفسه، وذلك على النحو التالي:
عقوبة تفتيش هاتف الزوج أو الزوجة في القانون العماني:
هذه هي الحالة الأولى والأبسط للجريمة، والتي تقف عند حد التفتيش للهاتف وتركه بعد ذلك دون فعل اي شئ آخر.
وتكون العقوبة في هذه الحالة السجن مدة لا تقل عن شهر، ولا تزيد على ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن ١٠٠ ريال عماني، ولا تزيد على ٥٠٠ ريال عماني أو بإحدي هاتين العقوبتين.
ويكون تحديد العقوبة متروكا للمحكمة وفقا لظروف كل حالة على حدة.
عقوبة تفتيش هاتف الزوج أو الزوجة في القانون العماني واستغلال محتوياته:
هذه الحالة لا يكتفي فيها الزوج أو الزوجة بتفتيش هاتف الآخر، بل يقوم مثلا بنسخ محتوياته، أو نشرها بهدف الإساءة إليه، أو استخدامها في إلحاق الضرر به بأي وسيلة من الوسائل.
ونجد أن عقوبة هذه الحالة موجودة أيضا في المادة الثالثة من المرسوم السلطاني رقم ١٢ لسنة ٢٠١١ بإصدار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
نصت في الفقرة الثالثة منها على: ((فإذا كانت البيانات أو المعلومات المنصوص عليها في الفقرة الثانية شخصية تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سنة، ولا تزيد على ثلاث سنوات، وغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني، ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدي هاتين العقوبتين)).
والملاحظ في الحالتين السابقتين أنها حالات قد تحدث عندما يستغل أحد الزوجين أن الآخر قد نسي هاتفه وغادر البيت أو حتى ذهب للنوم فيستغل نومه، وأشياء من هذا القبيل.
لكن ما هو الحال إذا كان تفتيش هاتف الزوج أو الزوجة عن طريق اختراقه؟:
في بعض الأحيان يقوم الزوج أو الزوجة باختراق هاتف الآخر.
هنا ننتقل إلى نص آخر وهو نص المادة ٨ من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات العماني، والتي نصت على: ((يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ريال عماني ولا تزيد على ألفي ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعترض عمدا ودون وجه حق باستخدام وسائل تقنية المعلومات خط سير البيانات أو المعلومات الإلكترونية المرسلة عبر الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات أو قطع بثها أو استقبالها أو تنصت عليها)).
والملاحظ أن النص هنا يقتصر على حالة اختراق الهاتف بهدف اعتراض المحادثات الهاتفية أو المحادثات المكتوبة.
هذه العقوبات المنصوص عليها في كل الحالات السابقة تجعل جريمة تفتيش هاتف الزوج أو الزوجة بكافة صورها، تصنف باعتبارها من ((الجنح)) في سلطنة عمان.
نصيحة:
لا يحق للزوج تفتيش جوال زوجته .. ولا الزوجة أن تفتش جوال زوجها، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copilot، خاصة بالقانون في الخليج. |
في النهاية فإننا ننصح كلا الزوجين بأن لا يقدمان على أشياء مثل تفتيش الهواتف، لأنها من أكثر الأفعال التي ينتج عنها مشاكل قد تؤدي إلي الطلاق -لا قدر الله -
ونذكر الجميع بأن الآية الكريمة التي نهي فيها الله -عز وجل- عباده عن التجسس بدأت أصلا بالنهي عن "الظن السيء بالناس" ولا يفكر رجل في تفتيش هاتف زوجته، ولا زوجة في تفتيش هاتف زوجها إلا بظن سيء.
يقول تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)) {الآية ١٢ : سورة الحجرات}.
وكان الشيخ (أحمد بن حمد الخليلي) مفتي سلطنة عمان قد أفتي بتحريم تفتيش الزوج لهاتف زوجته أو الزوجة لهاتف زوجها، مؤكدا أن الحياة الزوجية يجب أن تبني على الثقة، وأن هذا الفعل يعد من ((التجسس)) المنهي عنه شرعا.
لا يدخل في دائرة التجريم أو التجسس المنهي عنه شرعا، قيام أحد الوالدين بتفتيش هاتف أبناءه دون الثامنة عشر، فهذا من قبيل التربية والرعاية المأمور بها شرعا وقانونا، خصوصا في ظل العصر الحديث الذي نعيش فيه والذي تمتلئ فيه أروقة الإنترنت بالعديد من المفاسد.
كما إننا ننصح أي زوج أو زوجة قد اكتشف قيام شريك حياته بتفتيش هاتفه أن يعالج الأمر بحكمة وأن يسامحه وأن لا يفكر في تقديم شكوى إلى السلطات المختصة.
فإذا كان قد تقدم بها بالفعل فإننا ننصح أن يستغل ما تتيحه له المادة ١٥ من المرسوم السلطاني رقم ٩٧ لسنة ١٩٩٩ بإصدار قانون الإجراءات الجزائية العماني والتي تعطيه الحق في التنازل عن الشكوى قبل أن تحال لتنظرها المحكمة أو حتى بعدما أصبحت قضية منظورة أمام القضاء بالفعل.
وفي النهاية.. نترك توضيحا لعقوبة من يحرض الزوج على تفتيش هاتف زوجته أو الزوجة على تفتيش هاتف زوجها، فهذا الفعل كثيرا ما يكون نصيحة من أحد أصدقاء السوء أو الأقارب الذين يسعون في خراب البيوت أو حتى يقدمون النصيحة وهم لا يعرفون أبعادها والنتائج المترتبة عليها.
فلعلهم بعدما يعرفون العقوبة المنتظرة لهم أن يتوقفوا عن ذلك.
عقوبة التحريض على تفتيش هاتف الزوج أو الزوجة في القانون العماني:
تنص المادة ٣١ من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات العماني على: ((يعاقب بذات العقوبة المقررة لمرتكب جريمة تقنية المعلومات، كل من حرض أو ساعد الغير أو اتفق معه على ارتكابها، فإذا لم تتحقق النتيجة الإجرامية عوقب بنصف الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجريمة)).
فإذا قمت بتحريض زوج أو زوجة على تفتيش هاتف شريك حياته، فستتم معاقبتك بنفس العقوبة التي سيعاقب بها.
كما نذكرك بالتحذير الشديد الذي نهي به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن تلك الأفعال حين قال: ((يا مَعْشَرَ مَن آمن بلسانِه ولم يَدْخُلِ الإيمانُ قلبَه ، لا تغتابوا المسلمينَ ، ولا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِم ، فإنه مَن تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيه المسلمِ ، تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه ، ومَن تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه ، يَفْضَحْهُ ولو في جوفِ بيتِه)).
فأنت أو أنتي عندما تحرضون على تفتيش هاتف الزوج أو الزوجة فإنك تأمر بتتبع العورات .. فهل ستصر على ذلك بعد قراءة هذا الحديث؟.
صور أخري لجريمة (التجسس بين الأزواج) في القانون العماني:
بخلاف تفتيش الهواتف، فقد حرص القانون العماني على حماية الحياة الخاصة للأفراد.
ومن ذلك ما نصت عليه المادة رقم ٣٣٢ من قانون الجزاء العماني والتي جرمت بعقوبة السجن مدة لا تقل عن ١٠ أيام، ولا تزيد على ثلاثة شهور كل من اعتدي على حرمة الحياة الخاصة للأفراد.
وينطبق هذا النص ولو كان الفاعل زوجا ضد زوجته، أو العكس، وقد حدد هذه الحالات في الصور التالية:
- فض رسالة أو برقية خاصة موجهة لغيره.
- استرق السمع في مكالمة هاتفية.
- سجل أو نقل محادثات بواسطة جهاز أيا كان نوعه.
- التقط أو نقل صورا لفرد أو أفراد بواسطة جهاز أيا كان نوعه.