يعد تعاطي المخدرات أحد أخطر وأسوء الأشياء التي يمكن أن يفعلها أي شخص.
بوستر دعائي من النيابة العامة الإماراتية للتحذير من تعاطي المخدرات. |
هذا الفعل لا يؤثر على الفرد المتعاطي أو المدمن فقط، بل تمتد آثاره إلي المحيطين به، بل وإلي المجتمع ككل، فهو يعرضه ليصبح سارق مال الآخرين من أجل شراء المخدرات.
كما يعرضه لإرتكاب حوادث السير والتي قد تمس أموال أو حتى حياة الآخرين، بخلاف الأمراض النفسية الشديدة والتي قد تصل لإرتكاب أشد أنواع الجرائم خطورة.
لذا ركزت دولة الإمارات العربية المتحدة على محاربة هذه الظاهرة، أمنيا واجتماعيا، واليوم ننظر إلي تعاملها القانوني معها.
جدول المخدرات في الإمارات:
لا يتسع المجال هنا لذكر كامل جداول المخدرات في دولة الإمارات.. لذا فقد قررنا الاكتفاء بذكر بعض من أهم محتويات هذه الجداول وأوسعها انتشارا:
- الجدول رقم ١: استيورفين.
- الجدول رقم ٢: أثيل مورفين.
- الجدول رقم ٣: كودايين.
- الجدول رقم ٤: القنب بمسمياته المتعددة (حشيش - بانجو - الكمنجه .. أو أي اسم آخر).
- الجدول رقم ٥: كاثينون.
عقوبة تعاطي المخدرات في الإمارات للمرة الأولى:
حددت المادة ٤١ من قانون مكافحة المواد المخدرة الإماراتي عقوبات تعاطي المخدرات في الإمارات.. وجعلتها في أكثر من حالة، ففرقت بين من يتعاطي للمرة الأولى وبين من يتعاطي بعد المرة الأولى.
إذ نصت على: ((يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف درهم ولا تزيد على مائة ألف درهم كل من:
أ. تعاطى بأي وجه أو استعمل شخصيًّا في غير الأحوال المرخص بها أو تعاطى بجرعات أكثر مما هو محدد بالوصفة الطبية، أية مادة من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية المنصوص عليها في الجداول أرقام (1)، (2)، (5) عدا البند (29) من الجدول رقم (1).
ب. تعاطى بأي وجه أو استعمل شخصيًّا في غير الأحوال المرخص بها نباتًا من النباتات الواردة في الجدول رقم (4)، عدا البند (8) من القسم الثاني من الجدول رقم (4)).
إذن فعقوبة تعاطي المخدرات للمرة الأولى في الإمارات هي الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف درهم ولا تزيد على مائة ألف درهم.
وهذا يعني أن القاضي قد يحكم بالغرامة فقط دون الحبس، وذلك يحدده القاضي فقط وفقا لظروف وملابسات كل قضية.
ما هي عقوبة تعاطي المخدرات في الإمارات للمرة الثانية؟:
في ذات المادة رقم (٤١) لكن في البند رقم (٢) منها، نجد عقوبة تعاطي المخدرات في الإمارات للمرة الثانية، إذ تنص على:
((إذا ارتكب الجاني أي من الأفعال المنصوص عليها بالبند السابق للمرة الثانية خلال مدة لا تجاوز ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب الفعل أول مرة، كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر أو الغرامة التي لا تقل عن ثلاثين ألف درهم ولا تزيد على مائة ألف درهم)).
الملاحظ في هذا النص أنه لكي تعتبر المرة ثانية في تعاطي المخدرات أنه يجب أن لا تجاوز المدة الزمنية بينها وبين المرة الأولى التي تم ضبط فيها الشخص يتعاطي المخدرات ٣ سنوات، فإذا مرت ٣ سنوات وضبط بعدها، فإنها تحتسب مرة أولى.
أيضا فإننا نلاحظ محافظة المشرع الإماراتي على إعطاء القاضي الحق في الاختيار بين عقوبتي الحبس والغرامة، وظلت القيمة المالية للغرامة ثابتة مع غرامة التعاطي لأول مرة، وإن زادت مدة عقوبة الحبس في حال الحكم بها.
عقوبة تعاطي المخدرات للمرة الثالثة في الإمارات:
ابتعد عن المخدرات وتعامل مع الحياة بحلوها ومرها بقوة وإيمان بالله، صورة من شرطة أبوظبي. |
واستمرارا للنظام التصاعدي في العقوبة الفريد من نوعه في قانون مكافحة المخدرات الإماراتي نص البند رقم ٣ من المادة ٤١ على: ((إذا ارتكب الجاني أي من الأفعال المنصوص عليها في البند رقم (1) من هذه المادة للمرة الثالثة أو أكثر، كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين والغرامة التي لا تقل عن مائتي ألف درهم)).
ونلاحظ هنا أن النص قد جمع بين عقوبتي الحبس والغرامة معا، فلم يعد القاضي يستطيع اختيار واحدة دون الأخرى، وهو أمر طبيعي، لأن ضبط نفس الشخص يتعاطي المخدرات للمرة الثالثة يعني أنه لم يرتدع في المرتين السابقتين ويجب أن ينال عقوبة قاسية في المرة الثالثة.
أين يتم تنفيذ عقوبة تعاطي المخدرات في الإمارات؟:
بحسب ما نصت عليه المادة (٧) من المرسوم بقانون اتحادي في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية يتم إنشاء ((مراكز متخصصة)) تكون مهمتها تنفيذ عقوبة الحبس في جرائم التعاطي والاستعمال الشخصي للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية.
هذه المراكز لن تقتصر مهمتها على إيقاع العقوبة فحسب، بل تمتد لمعالجة المتعاطين وتأهيلهم وتدريبهم رياضيا ومهنيا، بالإضافة لتنفيذ برامج دمج اجتماعي ووظيفي وأسري.
الهدف من هذه المراكز هو تحويل مدمني ومتعاطي المخدرات إلي أفراد صالحين ومنتجين بعد خروجهم إلي المجتمع من جديد، وملاحظة من حولهم تغيير سلوكياتهم نحو الأفضل.
حالة وقف العقوبة على تعاطي المخدرات:
كان من مميزات قانون مكافحة المواد المخدرة الإماراتي ما حوته المادة ٨٩ منه.
إذ نصت الفقرة الأولى من تلك المادة على: ((لا تقام الدعوى الجزائية على متعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو المواد التي يسري في شأنها حكم الفقرة الثانية من المادة (12) من هذا المرسوم بقانون إذا تقدم المتعاطي من تلقاء نفسه أو زوجه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية أو ممن يتولى تربيته إلى الوحدة أو النيابة العامة أو الشرطة قبل ضبطه أو قبل صدور أمر بالقبض عليه طالبين إيداعه للعلاج لدى الوحدة، فيودع لديها إلى أن تقرر الوحدة إخراجه)).
فيا أيتها الأم التي تري أبنها هكذا .. ويا أيتها الزوجة التي تعاني من تعاطي زوجها للمخدرات .. ويا أيها الأبن الذي ابتلي بهذه الآفة .. يا كل ضحايا المخدرات .. بادروا من تلقاء أنفسكم، واستفيدوا من هذه المادة التي تضمن لكم أولا أنكم لن تحاكموا أصلا.
ثم هي تضمن لكم بعد ذلك العلاج والشفاء من آثار تعاطي المخدرات.
أمثلة على أحكام تعاطي المخدرات في الإمارات:
- الحكم الصادر من محكمة استئناف جنايات رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 3 من إبريل سنة 2007 م: قضية تم اتهام فيها أحد الأشخاص بجلب وحيازة مادة الحشيش بقصد التعاطي: أيدت حكم محكمة الجنايات حضورياً بمعاقبته بالسجن عشر سنوات وتغريمه خمسين ألف درهم وبمصادرة المضبوطات وإبعاده عن الدولة. ((نلاحظ هنا أن العقوبة كانت بناء على نصوص القانون القديم)).
- حكم محكمة جنايات دبي بغرامة ٣٠ ألف درهم إماراتي على شخص يحمل جنسية دولة خليجية بتهمة تعاطي المخدرات.
- حكم المحكمة الإتحادية العليا: جلسة الاثنين الموافق ١٠ أبريل ٢٠١٧: قضية اتهم فيها شخص أنه وفي إمارة الشارقة حاز بقصد التعاطي المؤثرين العقليين (ترامادول) و (زولبيديم): رفض الطعن وتأييد الحكم بمعاقبة الطاعن بالحبس سنة واحدة وتغريمه ٢٠ ألف درهم وإبعاده عن الدولة.