تعاطي المخدرات أو الإدمان، إنه أحد أخطر الأشياء التي تؤثر على عقل الإنسان وسلوكه.
عندما يصبح الإنسان متعاطيا للمخدرات، قد لا يمكنه مقاومة الرغبة في استخدامها حتى بالرغم من الأضرار التي تصيبه بسببها، سواء كانت صحية أو اقتصادية أو حتى ما تتجاوزه هو نفسه لتصيب الأفراد المحيطين به وحتى المجتمع الذي يعيش به.
فكم سمعنا عن جرائم بشعة وقعت كنتيجة مباشرة لإدمان الجاني فيها للمخدرات، وكم من شخص أضاع حاضره ومستقبله وتحول إلى حطام إنسان .. بل إنسان ميت يمشي.
هذا ويسعي المهربين والمروجين إلى إغراق الدول ببضاعتهم السامة، وخصوصا في دولة مثل السعودية حيث يرتفع دخل الفرد وتزداد أعداد الشباب، ما يحقق لهم المزيد من الأرباح.
من أجل مواجهة كل هذا تبذل الدولة السعودية الكثير من الجهد من أجل مكافحة تفشي تلك الآفة وخصوصا بين الشباب، سواء كانت مواد مخدرة مثل الحشيش أو الأفيون والكوكا والقات.
أو مؤثرات عقلية مثل المورفين أو الهيروين أو الكوكايين.
أو سلائف كيميائية مثل الكبتاجون أو الميثامفيتامين بأسمائه المختلفة: الشبو أو الشابو أو الكريستال ميث أو الآيس.
في هذا التقرير من (القانون في الخليج) نبحث معا في جرائم المخدرات في السعودية والعقوبات المقررة لها.
ما هي عقوبات جرائم المخدرات في السعودية؟:
ضبطية للمديرية العامة لمكافحة المخدرات السعودية تمثلت في ٤٧ كيلوغرام من مادة الكوكايين المخدرة، صورة من وزارة الداخلية السعودية. |
دعونا هنا نفرق بين عدد من الحالات، والتي تختلف العقوبة في كل واحدة منها.
عقوبة مهرب المخدرات:
مهرب المخدرات هو الشخص الذي يقوم بإدخال المخدرات إلى داخل المملكة، وكذلك من يتلقاه منه ليقوم بدوره بتوزيعها على المروجين داخل البلاد.
يمكن التعبير عنه بأنه (رأس الحية) فهو مصدر تلك السموم وأساس وجودها، لذا فلا عجب عندما نعرف أن عقوبته هي ((الإعدام)) والمعبر عنها في نص المادة ٣٧ من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية السعودي بعبارة ((القتل تعزيرا)).
عقوبة زراعة المخدرات:
نفس هذه المادة جعلت من (زراعة المخدرات) بقصد الترويج لها عقوبتها القتل تعزيرا.
عقوبة مروج المخدرات:
مروج المخدرات يعتبر (الحلقة الوسيطة) بين مهرب المخدرات و المتعاطين، لذا فهو يسمي أيضا (تاجر مخدرات).
النظام السعودي وحينما وضع عقوبة لمروجين المخدرات، فرق بين حالتين:
- الحالة الأولى: إذا كانت تلك أول مرة يتم ضبطه: في هذه الحالة تقرر المحكمة إما عقوبة الحبس أو الجلد أو الغرامة المالية، أو تجمع بينهم جميعا، وذلك حسبما تراه وفقا لظروف وملابسات كل قضية، ومع ذلك فإذا كان قد تم إدانته سابقا بتهريب المخدرات أو زراعتها أو تصنيعها أو إنتاجها، فإن العقوبة تزيد في حقه لتصبح القتل تعزيرا.
- الحالة الثانية: إذا سبق ضبطه من قبل في قضية ترويج أو تهريب المخدرات وصدور حكم بإدانته بذلك: يتم تشديد العقوبة وقد تصل إلي القتل، لأنه في هذه الحالة لا يكون قد ارتدع من العقوبة الأولى، وأصبح مصدر شر ووبال يجب استئصاله من المجتمع.
عقوبة متعاطي المخدرات:
نصل في النهاية إلى متعاطي المخدرات، إنه الجاني والضحية في نفس الوقت.
ويعاقب المتعاطي بالحبس لمدة سنتين، ويعزر بنظر الحاكم الشرعي.
ومعني (يعزر بنظر الحاكم الشرعي)، أي توقع عليه عقوبة من العقوبات التعزيرية، وهي عقوبات توقع على من يتهم بإرتكاب معصية أو جريمة لا حد فيها في الشرع.
ومن الأمثلة على العقوبات التعزيرية: (الوعظ - التوبيخ - إشهار العقوبة - التعزير بالمال "الغرامة" - العزل من الوظيفة - الحرمان من بعض الحقوق - الجلد).
عقوبة تعاطي المخدرات في السعودية للأجانب:
وسط الملايين من مختلف الجنسيات التي تعيش وتعمل في السعودية، بالتأكيد ستجد من بينهم من يسقط في تعاطي المخدرات.
والحقيقة أنه لا يوجد إلا اختلاف واحد فقط بين عقوبة تعاطي المخدرات في السعودية للأجانب والعقوبة المقررة للسعوديين.
فهم يعاقبون بنفس العقوبة المقررة للسعوديين وهي (الحبس لمدة سنتين) والعقوبة التعزيرية التي أوضحناها في شرحنا للعقوبة المقررة للسعوديين.
أما ما يزيد في (عقوبة تعاطي المخدرات في السعودية للأجانب) فهو عقوبة (الترحيل) والابعاد خارج البلاد لكن بشرط أن يتم تنفيذ العقوبة عليه أولا.
إيداع المدمن داخل المصحة:
ولأن النظام السعودي قد تبني فلسفة المواجهة الشاملة مع المخدرات، وليس فقط المواجهة الجنائية، فقد حرص في نفس الوقت على علاج من يمكن علاجهم من المدمنين، لتخليصهم من تلك السموم، وإعادتهم إلي حياتهم الطبيعية أفرادا صالحين في المجتمع.
جاء ذلك في اللائحة التنفيذية لنظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، وبالتحديد في المادة ٣٢ منها، والتي حددت بعضا من الحالات التي يجوز فيها الأمر بإيداع المدمن في المصحة لعلاجه.
وذلك في أي حالة من الحالات التالية:
- أن لا تقترن جريمة التعاطي بجريمة أخرى (فلا يستفيد من هذا مروجين أو مهربين المخدرات).
- أن تكون كمية المخدرات التي تم ضبطها مع المتعاطي فقط لاستعماله الشخصي وبغرض التعاطي.
- ضبط المدمن بناء على بلاغ أو شكوى.
- أن يتقدم المدمن من تلقاء نفسه بطلب العلاج، وفي هذه الحالة فإنه لا تقام قضية ضده، وفي هذا تشجيع للمدمنين على التقدم وطلب العلاج دون خوف.
وتقوم المصحة في هذه الحالة بإعداد تقرير عن حالة المدمن والمدة التي يحتاجها للعلاج، على أن لا تقل عن ١٥ يوم.
لكن إذا كان الإيداع بأمر من المحكمة ففي هذه الحالة لا تقل مدة العلاج عن ٦ شهور ولا تزيد على سنتين، ومع ذلك فإذا كان هناك أسباب قوية، يمكن للمحكمة أن تقلل من مدة العلاج عن حد الستة أشهر، فتجعلها أقل من ذلك.
هذا ولا يستفيد من ميزة الإيداع في مصحة للعلاج المدمن الذي تم إيداعه في المصحة مرتين من قبل بأمر من المحكمة، فهذا أثبت من قبل أنه لا يستفيد من العلاج أو لا يريد العلاج أصلا.
عقوبة ارتكاب السعودي جريمة من جرائم المخدرات خارج المملكة:
كان كل ما سبق يتعلق بارتكاب جريمة من الجرائم التي حددها (نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية) الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/٣٩ بتاريخ ٨ / ٧ / ١٤٢٦، وقرار مجلس الوزراء رقم ١٥٢ بتاريخ ١٢ / ٦ / ١٤٢٦.
لكن ماذا يحدث إذا أقدم مواطن سعودي على ارتكاب أيا من تلك الجرائم خارج حدود المملكة؟.
المادة السابعة من النظام قالت أنه إذا لم تتم معاقبته في الدولة التي وقعت فيها الجريمة، فإنه يجب على السلطات المختصة في السعودية فعل ذلك بنفسها والقبض عليه ومحاكمته.
أسباب البراءة في قضايا المخدرات في السعودية:
دعونا نتفق أولا على قاعدة هامة، وهي أن كل قضية تختلف عن الأخرى، من حيث الظروف والأحوال، ولذا فإن أسباب البراءة تختلف في كل قضية عن الأخرى.
ومع ذلك .. فإنه يمكن حصر بعض الأسباب التي يحكم بموجبها بالبراءة في قضايا المخدرات في السعودية:
- عدم تحديد المادة المخدرة: إذ يجب أن يتم تحديد المادة المخدرة سواء المضبوطة أو التي أثبتت التحاليل الطبية أنها موجودة في عينة المتهم، ولا يكفي هنا القول في دليل الإتهام بأنه كانت هناك رائحة مخدرات منبعثة من المتهم.
- عدم تحديد الكمية المضبوطة بالنسبة للأشخاص المصرح لهم حيازة كميات من المواد المخدرة: كالأطباء والصبادلة على سبيل المثال، فإذا تم ضبط أحدهم ولم تحدد بالضبط الكمية التي كانت معه، وهل تتجاوز ما هو مصرح له بحيازته ام لا .. فإن هذا يقوم سببا للحكم بالبراءة.
هذا ويتم وقف الدعوى ولا يتم تحريك القضية في هذه الحالات:
- أن يتقدم المدمن من تلقاء نفسه بطلب العلاج.
- الطلاب الذين لا يزيد عمرهم عن ٢٠ سنة.
في النهاية، فإننا ننصح كل من إبتلي بالمخدرات أن يبادر فورا بطلب العلاج من تلقاء نفسه، وتأكد تماما أنه كلما حصلت على العلاج في وقت مبكر، كلما ارتفعت نسبة شفاءك، وتجنبت العواقب الأكثر خطورة لذلك، وخصوصا أنك في هذه الحالة ستعفي من العقوبة الجنائية.