أحكام الشيك بدون رصيد في القانون القطري

في الأصل، تعد كلمة (شيك) كلمة ذات أصل انجليزي، وتعني في اللغة العربية (فحص أو راجع)، بمعني أن البنك أو المصرف يقوم بمراجعة حساب العميل قبل صرف الشيك لحامله، وهذا هو نفس المعني أيضا في اللغة الفرنسية.

يعد إصدار شيك بدون رصيد جريمة يعاقب عليها القانون القطري، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copilot، خاصة بالقانون في الخليج.

وهكذا فإن الشيك بدون رصيد (باللغة الإنجليزية: A bad check)، هو الشيك الذي لا يمكن صرف قيمته، لأنه إما يكون مسحوب على حساب بنكي وهمي غير موجود أصلا، أو على حساب لا يملك رصيدا كافيا من المال لتغطيه مبلغ الشيك.

ويعتبر كتابة شيك بدون رصيد أمرًا غير قانوني، إذ تصدي المشرع القطري لهذه الجريمة مرتين، الأولى كانت بإصداره قانون خاص لها وهو القانون رقم ٩ لسنة ١٩٦٢ بشأن جريمة إصدار شيك بدون رصيد.

لكن هذا القانون تم إلغاءه، وأصبحت جريمة الشيك بدون رصيد حاليا مؤثمة في قطر بموجب المادة ٣٥٧ من قانون العقوبات.

المادة ٣٥٧ من قانون العقوبات القطري:

تنص المادة ٣٥٧ من قانون العقوبات القطري على: ((يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال ولا تزيد على عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ارتكب بسوء نية أحد الأفعال التالية)).

وقبل أن نشرح بشكل تفصيلي الأفعال التي إذا وقع أيا منها، فإننا نعقب أولا على هذا النص بما يلي:

• النص جعل العقوبة الحبس التي لا تجاوز ٣ سنوات، وهذا ما يجعل جريمة الشيك بدون رصيد تعد (جنحة) في القانون القطري، إعمالا لما نصت عليه المادتين ٢٢ و ٢٣ من قانون العقوبات القطري.
• يجوز للمحكمة أن تجمع بين عقوبتي الحبس والغرامة معا، كما يجوز لها أن تكتفي بواحدة دون الأخرى، وهذا أمر متروك للقاضي بما له من سلطة تقديرية حسب ظروف وملابسات كل قضية.
• النص اشترط أن يقوم المتهم بأيا من أفعال جريمة الشيك بدون رصيد (بسوء نية).

حالات جريمة الشيك بدون رصيد في قطر:

١- أعطى شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك:

وهنا يشترط أن يكون الجاني قد (أعطى) الشيك بإرادته، فلا يجوز مثلا إجباره على كتابة شيك لا يقابله رصيد قائم.

وحتى لو كان هناك رصيد قائم يكفي قيمة الشيك لكنه غير قابل للسحب منه (على سبيل المثال: حالة الحجز عليه)، فإننا نكون أيضا أمام جريمة شيك بدون رصيد.

٢- سحب بعد إعطاء الشيك كل المقابل أو بعضه، بحيث لا يفي الباقي بقيمته.

في هذه الحالة تتوافر سوء النية بشكل واضح، فيكون رصيده وقت تحرير الشيك يكفي الوفاء بقيمة الشيك، ثم يقوم بسحب مبالغ من حسابه ولا يبقي فيه شئ مطلقا أو حتى يبقي فيه ما لا يكفي للوفاء بكامل قيمة الشيك الذي حرره.

٣- أمر المسحوب عليه الشيك بعدم صرفه.

قيام من أصدر الشيك بأمر البنك أو المصرف الموجه له الشيك بعدم صرفه.

٤- تعمد تحرير الشيك أو التوقيع عليه بصورة تمنع صرفه.

ولدينا مثال هنا على هذه الحالة في الحكم في الدعوى رقم ١٨٣ لسنة ٢٠١٥ الصادر من محكمة التمييز القطرية.

في هذه القضية قام مدير الشؤون القانونية بإحدي الشركات التي تعاقدت على شراء سيارات نيسان من شركة أخرى تبيعها بإصدار شيكات بصورة تمنع صرفها.

٥- ظهّر لغيره أو سلمَّه شيكاً مستحق الدفع لحامله، وهو يعلم أنه ليس له مقابل يفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف.

المقصود هنا (تظهير الشيك) باللغة الإنجليزية: Check Endorsement، ويعني قيام من صدر له الشيك ليصرفه بنقل ملكيته إلي شخص آخر، عبر الكتابة على ظهر الشيك عبارة تفيد بأمر البنك أو المصرف أن يدفع قيمته لمالكه الجديد.

فمن كان يعلم أن الشيك ليس له مقابل يفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف وقام بتظهيره لشخص آخر فقد ارتكب جريمة إصدار شيك بدون رصيد.

ما هي العقوبة الجوازية للشيك بدون رصيد في قطر؟:

بخلاف ما ذكرناه من عقوبة أصلية بالحبس والغرامة أو بواحدة منهما، فقد أعطي المشرع القطري للقضاء حرية الحكم بعقوبة أخرى في قضايا الشيك بدون رصيد، وجعل الأمر ((جوازيا)) أي يجوز للمحكمة أن تحكم به أو لا تحكم كيفما تشاء.

هذه العقوبة وردت في المادة رقم ٦٠٤ من القانون رقم ٢٧ لسنة ٢٠٠٦ بإصدار قانون التجارة القطري، والتي نصت على: ((يجوز للمحكمة إذا قضت بالإدانة في إحدى جرائم الشيك المنصوص عليها في قانون العقوبات أن تأمر بسحب دفتر الشيكات من المحكوم عليه ومنع إعطائه دفاتر جديدة لمدة لا تزيد على سنة)).

كذلك فإننا إذا عدنا إلى نص الفقرة الثانية من المادة ٣٥٧ من قانون العقوبات القطري، سنجد أنها تنص على: ((وفي جميع الأحوال، للمحكمة أن تقضي، بناءً على طلب ذوي الشأن، بإلزام المحكوم عليه في الجريمة، بدفع قيمة الشيك والمصروفات التي تحملها المستفيد)).

فالشخص الذي لديه شيك بدون رصيد يتكلف بجانب قيمة الشيك مصروفات لإثبات ذلك ولتقديم الشكوى والتقاضي، وهذا كله بسبب خطأ لا دخل له به، لذا فإنه يجوز للمحكمة أن تحكم له بدفع قيمة الشيك وكافة المصروفات الأخرى التي تحملها كنوع من التعويض ((في هذا الصدد يمكنكم الإطلاع على تقريرنا: أحكام التعويض في القانون القطري)).

إجراءات الشكوى في الشيك بدون رصيد في قطر:

عقوبة إصدار شيك بدون رصيد في قطر هي الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال ولا تزيد على عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، صورة بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت copilot، خاصة بالقانون في الخليج.

ننبه على الجميع هنا الإنتباه إلى نقطة في غاية الخطورة لأنها قد تتسبب في تضييع الحقوق إذا لم يتم تنفيذها بشكل صحيح.

ونتحدث هنا عن ((عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية في جريمة الشيك بدون رصيد)) إلا بشكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص، وذلك إعمالا لنص المادة ٣ من قانون الإجراءات الجنائية القطري.

هل هناك نموذج شكوى شيك بدون رصيد في قطر؟:

لم تنص المادة ٣ من قانون الإجراءات الجنائية القطري على شكل معين للشكوى في قضايا الشيك بدون رصيد.

ولكنها في الوقت نفسه حددت طريقتين لقيام المجني عليه أو وكيله الخاص بتحريك الدعوى الجنائية هما:

• الشكوى شفاهة.
• الشكوى كتابة.

ويتم تقديمها إلى: ((النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي)).

ويمكنكم الحصول على خدمة كتابة شكوى شيك بدون رصيد في قطر من ((القانون في الخليج)) عبر التواصل معنا عبر صفحة ((اتصل بنا)).

تنويه مهم جدا: إذا كان محاميك سيقوم بتقديم شكوى شيك بدون رصيد فتأكد من أن التوكيل يجب أن يكون خاص بتقديم هذه الشكوى فقط، وأن يكون صادرا بتاريخ لاحق على وقوع الجريمة، إذ لا يجوز له تقديم الشكوى بالتوكيل العام.

هذه الشروط بالنسبة للتوكيل الخاص جاءت موضحة بشكل تفصيلي على سبيل المثال في حكم محكمة التمييز القطرية في الطعن رقم ٦١٤ لسنة ٢٠١٩ (تمييز جنائي) والصادر بجلسة ١٥ يونيو ٢٠٢٠.

هل الشيك يضمن الحق؟:

من كل ما سبق يعتبر الشيك أحد أقوى الأوراق القانونية التي تضمن حقوقك المالية.

لكن مهلا قليلا،، يجب أن تتوافر في الشيك عددا من الشروط نصت عليها المادة ٥٦١ من قانون التجارة القطري، وهذه الشروط هي:

1. كلمة " شيك" مكتوبة في متن الصك، وباللغة التي كتب بها.
2. تاريخ ومكان إصدار الشيك.
3. اسم من يلزمه الوفاء (المسحوب عليه). "أي البنك أو المصرف".
4. اسم من يجب الوفاء له أو لأمره على النحو المنصوص عليه في المادتين (٥٦٧)، (٥٦٨) من هذا القانون.
5. أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود.
6. مكان الوفاء.
7. اسم وتوقيع من أصدر الشيك (الساحب).

فإذا فقد الشيك أيا من هذه الشروط لم يعد ضمانا للحق، وهذا ما جري به العمل في المحاكم القطرية.

ولنضرب مثالا على ذلك بحكم صدر من (محكمة التمييز القطرية) عام ٢٠٢٢.

الحكم كان ينظر قضية قام فيها أحد الأشخاص بتحرير شيك بدون رصيد لشخص آخر، لكن هذا الشيك فقد الشرط الخامس من الشروط التي أوضحتها المادة ٥٦١ من قانون التجارة القطري وهو أن يكون ((غير معلق على شرط)).

إذ كان هذا الشيك قد صدر (ضمانا) لاتفاق نقل ملكية شركات بموجب عقد، واستخراج السجلات التجارية، وهنا صدر حكم المحكمة لتعتبره كما قالت في حكمها: ((ورقة لا قيمة لها ولا يؤبه لها في التعامل، وتنحسر عنها الحماية الجنائية، والتي لم تقرر إلا للورقة المتوافرة على المقومات التي وضعها القانون لاعتبارها شيكاً)).

لذا فإن ما يقوم به البعض بأخذ شيك مثلا لضمان نقل الوكالة التجارية أو لنقل ملكية اي شئ، لا يعتبر شيكا وستحكم المحاكم بذلك.

متي يسقط الحق في الشكوى لتحريك قضية شيك بدون رصيد في قطر؟:

من المهم للغاية هنا أيضا أن نذكر كذلك ثغرة مهمة قد تفقد الشيك قيمته.

نتحدث هنا عن ((الوقت)) إذ حددت المادة ٧ من قانون الإجراءات الجنائية القطري مدة معينة يجب خلالها تقديم الشكوى لتحريك قضية شيك بدون رصيد وهي مدة (٣٠ يوما) من تاريخ علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها، أو من يوم علم من يقوم مقامه.

فإذا ذهب مستحق الشيك مثلا إلى البنك يوم ١ سبتمبر، واكتشف هناك بعدم وجود رصيد لصرف المبلغ، فإنه يجب قبل يوم ١ أكتوبر أن يتقدم بشكوى بالشكل الذي سبق وقمنا بتوضيحه.

إذن فهذه المدة لا تبدأ من يوم تحرير الشيك لأنه من المفترض أن من صدر له الشيك يعتقد أنه سليم وأن هناك رصيد في البنك يكفي لتغطيته.