ما هي جريمة غسل الأموال وكم تبلغ عقوبتها في قطر؟

غسل الأموال، واحدة من أخطر الجرائم التي شغلت كل دول العالم تقريبا خصوصا خلال السنوات الماضية.

جريمة غسل الأموال في قطر.
جريمة غسل الأموال في قطر.

ولكي نفهم معني (غسل الأموال) والذي هو تعبير مجازي في الأصل، يفترض أن الأموال المتحصلة من عمل غير قانوني تكون أموال "سوداء" أو "ملوثة" تحتاج إلى غسلها، حتى لا تثير الشبهات حوله.

حيث يقوم الأفراد أو العصابات بتجهيز تلك الأموال لإخفاء مصدرها الغير شرعي، ما يمكنهم من إظهارها وإنفاقها دون أن ينتبه إليها أحد.

على سبيل المثال: يقوم تجار المخدرات الذين حصلوا على المخدرات كبضاعة لبيعها بتقسيم المبالغ الضخمة التي يجب أن يدفعوها لمن ورد لهم المخدرات إلى مبالغ صغيرة، ثم يقومون بإيداع هذه المبالغ البسيطة كمقابل لخدمات تؤديها شركات وهمية تكون مملوكة لموردين المخدرات.

وبشكل عام ترتبط جريمة غسل الأموال في غالبية الأحيان بجرائم مثل: (تجارة المخدرات، تجارة السلاح، الرشوة، الإرهاب).

الطريف في التسمية أن لها أصل حدث بالفعل في الولايات المتحدة الأمريكية عندما قام أحد أفراد عصابات الإتجار بالمخدرات بافتتاح مغسلة ملابس في شيكاغو.

هذا الرجل اتخذ هذه المغسلة كساتر، حيث كان يضيف أرباح تجارة المخدرات يوميا إلى عائدات المغسلة .. ومن تلك الواقعة أخذ هذا الفعل مسمي (غسيل الأموال).

وقد اهتمت دولة قطر بالتصدي لجريمة غسل الأموال، فأصدرت القانون رقم ٢٠ لسنة ٢٠١٩ بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ما هي جريمة غسل الأموال في قطر؟:

أوضحت المادة ٢ من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب القطري، الحالات التي يعتبر مرتكبها قد تورط في جريمة غسل الأموال، فأوضحت بأنه (كل من قام عمدا بأي من الأفعال التالية):

  1. تحويل الأموال أو نقلها مع العلم بأنها متحصلات جريمة أو أي من أفعال الاشتراك في هذه الجريمة، بقصد إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لتلك الأموال، أو مساعدة أي شخص قام بارتكاب هذه الجريمة على الإفلات من العواقب القانونية لأفعاله.
  2. إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للأموال أو مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، مع العلم بأنها متحصلات جريمة.
  3. اكتساب الأموال أو حيازتها أو استخدامها مع العلم وقت تسلمها أنها متحصلات جريمة.
  4. الاشتراك أو الارتباط أو التواطؤ أو المساعدة أو التحريض أو التسهيل أو تقديم المشورة أو التعاون أو المساهمة أو التآمر في ارتكاب أو الشروع في ارتكاب أي من الأفعال المحددة في هذه المادة.

هذه الحالات لم تجعل مالك المال فقط هو من يرتكب جريمة غسل الأموال، بل من ساعده في ارتكابها، أو حتى من قبلها وهو يعلم أنها من متحصلات جريمة، أو اشترك أو حرض أو سهل أو قدم المشورة ... إلخ.

والعبرة من هذا التوسع في التجريم هو محاربة هذه الجريمة والتصدي لها بقوة عبر الإحاطة بجميع عناصرها.

وبالمناسبة فإن جريمة غسل الأموال تقع سواء كانت حدثت كلها داخل قطر أو حتى جزء منها.

ذلك لأنه وفي كثير من الحالات تقوم عصابات غسيل الأموال بغسل الأموال من دولة إلى أخرى بواسطة حوالات مصرفية أو تحويلات بنكية أو غيرها من الطرق، وقد يستخدموا التجارة لتبرير تلك التحويلات التي قد تحدث حتى بين أكثر من دولتين.

كل ذلك يكون سعيا منهم من أجل تحقيق هدفهم الرئيسي وهو الإخفاء والتمويه على المصدر الرئيسي لتلك الأموال والذي يكون من جريمة.

جريمة غسل الأموال في قطر كجريمة مستقلة:

مما سبق يتضح لنا حقيقة أن جريمة غسل الأموال تكون أصلا نتيجة لأموال غير شريفة ومكتسبة من أعمال غير قانونية.

المادة (٢) من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب القطري اعتبرت أن جريمة غسل الأموال هي جريمة (مستقلة).

يعني ذلك أن لها عقوبة مستقلة عن عقوبة الجريمة الأصلية التي انتجت هذا المال، مثال: (شخص ارتكب جريمة إدارة بيت للبغاء والدعارة، ثم ارتكب جريمة غسل الأموال، يعاقب بعقوبة مستقلة لكل جريمة).

الأكثر من ذلك أن نفس المادة اعتبرت أنه وفي الحالة التي يثبت فيها إرتكاب أحد الأشخاص جريمة غسل الأموال فلا يشترط إثبات أي جريمة أخرى عليه، ويعاقب بالعقوبات المقررة لهذه الجريمة.

عقوبات جريمة غسل الأموال في قطر:

الفصل الأخير من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب القطري وهو الفصل الحادي عشر في هذا القانون نص على العقوبات المقررة لجريمة غسل الأموال في قطر.

وقد فرق القانون بين عقوبة الشخص الطبيعي والشخص المعنوي على النحو التالي بيانه.

  • الحالة الأولى: الشخص المعنوي:

إذ تنص الفقرة الأولى من المادة (٧٧) على:

((يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن (4,000,000) أربعة ملايين ريال، ولا تزيد على (8,000,000) ثمانية ملايين ريال، أو ثلاثة أضعاف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة، أيهما أكثر، كل شخص معنوي، ارتُكبت إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون باسمه ولصالحه من جانب شخص طبيعي يعمل منفرداً أو كجزء من جهاز تابع له، أو يشغل موقعاً قيادياً فيه أو يستند إلى تمثيله، أو لديه تفويض باتخاذ القرارات نيابةً عنه، أو مخول بممارسة السلطة فيه)).

ونلاحظ أن هذا النص يتعامل مع حالة (الشخص المعنوي) مثل المؤسسات والشركات والجمعيات .. وبالطبع فهذه الأشياء لا يمكن حبسها أو سجنها، لذا فإن العقوبة تكون مالية.

هذه الحالة التي تكون فيها الجريمة باسم الشخص المعنوي ولصالحه، لا تمنع كذلك من إنزال العقوبة على الشخص الطبيعي الذي ارتكبها، إذ تنص الفقرة الثانية من ذات المادة على:

((ولا يحول ذلك دون معاقبة الشخص الطبيعي مرتكب الجريمة، بالعقوبة المقررة لها في هذا القانون)).

وكما قلنا فإن الشخص المعنوي لا يمكن حبسه، لكن بالطبع يمكن إغلاقه أو وقف نشاطه، وهذا ما نصت عليه الفقرة الثالثة من نفس المادة، وتركت ذلك القرار اختياريا للمحكمة التي تنظر القضية:

((وللمحكمة أن تقضي بمنع الشخص المعنوي، من مواصلة القيام بأنشطة تجارية معينة بصورة مباشرة أو غير مباشرة وبشكل دائم أو مؤقت أو بوضعه تحت إشراف قضائي أو بإغلاق مرافقه التي استخدمت في ارتكاب الجريمة بصفةٍ دائمة أو مؤقتة أو بحله وتصفية أعماله. ولها أن تأمر بنشر الحكم الصادر ضده على نفقته الخاصة في جريدتين يوميتين)).

  • الحالة الثانية: الشخص الطبيعي:

حبث تنص المادة ٧٨ من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب القطري على:

((يعاقب بالحبس لمدة لا تجاوز عشر سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن (2,000,000) مليوني ريال ولا تزيد على (5,000,000) خمسة ملايين ريال أو ضعف قيمة الأموال التي تم غسلها، أيهما أكثر، كل من ارتكب إحدى جرائم غسل الأموال، المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون)).

الإبلاغ عن جريمة غسل الأموال في قطر:

إذا كانت لديك معلومات تكشف أو تفيد في الكشف عن أي جريمة من جرائم غسل الأموال في قطر يرجي التواصل مع أيا من الجهات المسؤولة عن مكافحتها في قطر، والتي تتمثل في:

  • جهاز أمن الدولة القطري.
  • قسم مكافحة الجرائم الاقتصادية في الإدارة العامة للمباحث الجنائية.
  • النيابة العامة القطرية.
  • اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
  • وحدة المعلومات المالية القطرية.
  • وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التابعة لوزير العدل القطري.

وحتى لو كانت المعلومات المتوفرة لديك نتيجة لطبيعة عملك وكانت سرا ينبغي عليك عدم الإفصاح به وفقا لأي قانون أو لائحة .. فلا تقلق، إذ يحميك قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب القطري حيث تنص الفقرة الأولى من المادة ٢٢ منه على:

((لا يترتب على الإبلاغ بحسن نية أي مسؤولية مدنية أو جنائية ناتجة عن إفشاء السرّ المقرّر بناءً على قانون أو لائحة أو قرار إداري أو عقد وذلك حتى في حالة عدم علم المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة ومديريها ومسؤوليها وموظفيها بالجريمة الأصلية وبغضّ النظر عن وقوعها فعلياً)).

ومع ذلك .. انتبه فإذا تعمدت إفشاء أسرار عملك إلي غير هذه الجهات، ستقع تحت طائلة المادة ٨١ من قانون مكافحة غسل الأموال القطري:

((يعاقب بالحبس لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات، أو بالغرامة التي لا تزيد على (500,000) خمسمائة ألف ريال، موظف السلطة المختصة الذي يتعمد في غير الحالات المنصوص عليها في هذا القانون إفشاء سرية المعلومات المؤتمن عليها بمقتضى وظيفته أو النفاذ إلى المعلومات السرية غير الضرورية لأداء مهامه أو الشروع في ذلك)).

لأي استشارات أو قضايا بشأن جريمة غسل الأموال في قطر .. أو اي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا).

وفي الختام سلام عليكم.
المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات
المعرفة للدراسات الإستراتيجية والسياسية، هي محاولة عربية جادة لتقديم أهم الأخبار العربية والعالمية مع التركيز علي تحليل مدلولاتها، لكي يقرأ العرب ويفهمون ويدركون. نمتلك في المعرفة للدراسات عددا من أفضل الكتاب العرب في عديد من التخصصات، لنقدم لكم محتوى حصري وفريد من نوعه. facebook twitter
تعليقات