يعد حق السكن أحد أهم الحقوق التي تترتب على الزواج، فهو المكان الذي تقام فيه العلاقة الزوجية بكل حلوها ومرها، فيه مكان طعام الإنسان ونومه وخصوصيته.
![]() |
ينظم القانون رقم ٢٢ لسنة ٢٠٠٦ بإصدار قانون الأسرة القطري حق الزوجة في مسكن الزوجية ومتاعه، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل. |
ويعرف هذا الحق باسم (الحق في مسكن الزوجية)، وهو أحد أربع نفقات ذكرتها المادة الستون من قانون الأسرة القطري كواجبات صريحة على الزوج.
نقدم لكم هذا الدليل عن حق الزوجة في مسكن الزوجية في القانون القطري، شاملا المنزل نفسه، وكذلك ما يحتويه من أثاث وأجهزة .. إلخ.
من الذي عليه إعداد مسكن الزوجية في قطر؟:
المادة (٤٦) من (القانون رقم ٢٢ لسنة ٢٠٠٦ بإصدار قانون الأسرة)، ألزمت الزوج بإعداد مسكن الزوجية، وأنه لو قامت الزوجة بإعداد أي شيء منه فإنه يكون "ملكا لها".
وقد أعطت الفقرة الثانية من هذه المادة الحق للزوجة في أن ترجع على زوجها، وتطالبه بدفع ما ساهمت به في بناء مسكن الزوجية، إذ لا يعتبر ذلك تبرعا من الزوجة إلا إذا أقرت بذلك بشكل صريح.
أما الفقرة الثالثة من ذات المادة، فقد أعطت للزوج الحق في استعمال والانتفاع بالجهاز المملوك للزوجة، بشرط أن تظل الزوجية قائمة، وهو ما يعني مباشرة أنه لو حدث طلاق، تسترد الزوجة هذا الجهاز مباشرة.
كما ألزمت نفس المادة الزوج الذي يتلف الجهاز المملوك للزوجة (متعمدا) أن يضمنه، والضمان هنا إما أن يكون عينيا برد مثله، أو ماليا بدفع قيمته، وذلك لأن النص لم يحدد نوع الضمان.
الخلاف حول ملكية متاع البيت في قطر:
نظمت المادة (٤٧) من قانون الأسرة القطري مسألة ملكية متاع البيت الموجود في منزل الزوجية، وذلك في حالة وجود خلاف بين الزوج والزوجة حول ملكيته، سواء كان ذلك الخلاف أثناء قيام العلاقة الزوجية نفسها أو حتى بعد الطلاق.
ففي البداية قال النص أنه: ((فأيهما أقام البينة قضي له بها)).
فعلي سبيل المثال اختلف زوج وزوجة حول ملكية صالون الاستقبال في المنزل، ولكن الزوج قدم فاتورة شراءه من أحد معارض الأثاث وأثبت أنه من دفع ثمنه، فهنا في هذه الحالة، تقضي المحكمة بأنه من يملكه.
أما إذا عجز كلا الطرفين عن تقديم أي بينة تثبت ملكية أيا منهما للشيء المتنازع عليه، فيتم تحليف المرأة اليمين ويقضي لها بذلك اليمين بملكية الأغراض الصالحة للنساء، ويتم تحليف الرجل اليمين ويقضي له بذلك اليمين بملكية الأغراض التي تصلح للرجال.
أين يكون مسكن الزوجية في القانون القطري؟:
بالنسبة للمكان الذي يكون فيه مسكن الزوجية فإن المادة ٦٤ من قانون الأسرة القطري حددت أن على الزوج أن يهيئ لزوجته في محل إقامته مسكنا شرعيا ملائما يتناسب وحالتيهما.
ونلاحظ هنا أن أهم وصف للمسكن هو أن يكون (مسكنا شرعيا ملائما يتناسب وحالتيهما).. فما هو الحال لو أدعت الزوجة أن المسكن ليس ملائما؟.
في هذه الحالة تكون (محكمة الأسرة) هي المنوط بها الفصل في ما إذا كان المسكن ملائم أو غير ملائم.
ثم جاءت المادة ٦٥ من القانون لتجعل (محل سكن الزوجة) في المسكن الذي يعده الزوج، فإذا انتقل منه انتقلت معه.
ويستثني من ذلك حالتين:
- الأولى: أن تكون اشترطت في العقد شيئا خلاف ذلك.
- الثانية: أن يكون قصد الزوج من الانتقال من المنزل أن يسبب ضررا لزوجته، وهذا القصد وذلك الضرر ما تختص المحكمة بتقدير إذا ما كان متوافرا أم لا؟.
ونلاحظ أن هذه المادة من قانون الأسرة القطري، تعتبر تنفيذا عنليا لقوله تعالى: ((أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ)) {الآية ٦ : سورة الطلاق}.
مسكن الزوجية مع أهل الزوج في قانون الأسرة القطري:
في بعض الأحيان تتزوج الزوجة فيما يعرف باسم (منزل العائلة)، وبالرغم من أن هذا ينجح كثيرا، إلا أنه أيضا قد ينتج عنه مشاكل خصوصا إذا كانت العائلة معتادة على التدخل في كل كبيرة وصغيرة.
في ذلك الوقت قد لا تنجح حتى محاولات الزوج المستمرة في التوفيق بين أهله من جهة، وبين زوجته من جهة أخرى.
(محكمة التمييز القطرية) في حكمها الرقيم ١١ لسنة ٢٠٠٥ والصادر بتاريخ ٢١ / ٢ / ٢٠٠٦، أكدت أن للزوجة الحق في أن تنفرد بسكن مع زوجها، وأنها حتى لو قبلت ذلك حينا من الوقت السكن مع أهل الزوج، دون أن يحتج الزوج عليها بسابق رضاها بالسكن معه في بيت أهله.
![]() |
بينما قد تستقر المعيشة وتزدهر في بيوت العائلات، فإن حالات أخرى لا تنجح وينتج عنها الكثير من المشاكل، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل. |
ومعني ذلك الحكم أن الزوجة إذا قبلت لفترة ما أن تسكن مع أهل الزوج فإن ذلك ليس شرطا عليها أن تقبله طيلة الوقت خصوصا إذا نتج عن ذلك مشكلات ومصاعب.
فإذا رفض الزوج يحق للمرأة أن ترفع دعوى قضائية تطلب فيها بأن يوفر لها زوجها مسكن مستقل.
وهذا الحكم يتماشي مع صحيح القانون، وبالتحديد (الفقرة الثانية / المادة ٦٦ / قانون الأسرة القطري)، والتي تنص على: ((ويحق للزوج أن يسكن مع زوجته في مسكن الزوجية أبويه وأولاده من غيرها، متي كان مكلفا بالإنفاق عليهم، بشرط أن لا يلحقها ضرر من ذلك)).
هل يحق للزوجة إسكان أبنائها من زواج سابق في منزل زوجها الحالي؟:
هذا الأمر فيه تفصيل أوضحته المادة ٦٦ من (القانون رقم ٢٢ لسنة ٢٠٠٦ بإصدار قانون الأسرة القطري)، فهي في البداية نفت ذلك الحق، فجعلت أنه لا يحق للزوجة أن تسكن معها في منزل الزوجية أولادها من غير زوجها.
غير أن هذه المادة نفسها جعلت من حق الزوجة أن تسكن أولادها من زواج سابق معها في منزل الزوجية في ظروف استثنائية هي أن لا يكون لهؤلاء الأطفال حاضن غيرها، أو كانوا يتضررون من مفارقتها ((كان قد سبق وأن نشرنا تقرير تحت عنوان: كل ما تريد معرفته عن حضانة الأطفال بعد الطلاق في القانون القطري)).
لكن، وحتى في هذه الظروف الاستثنائية أشترطت المادة أن يرضي الزوج بإقامة أبناء زوجته من زواج سابق في منزل الزوجية.
هل يحق للزوج إسكان أكثر من زوجة في منزل واحد؟:
في بعض الحالات يتزوج الرجل أكثر من سيدة، وقد حددت المادة رقم ٦٧ من قانون الأسرة القطري، أنه لا يحق للزوج أن يسكن مع زوجته ضرة لها في مسكن واحد إلا برضاها.
أيضا فإن المشرع القطري وفي نفس المادة أتاح للزوجة أن تعدل عن موافقتها في إقامة ضرتها معها في ذات المنزل متي لحقها ضرر من ذلك.
ترك مسكن الزوجية كسبب من أسباب النشوز:
عددت المادة ٦٩ من قانون الأسرة القطري خمس حالات اعتبرت قيام أيا منها كافيا لاعتبار الزوجة ناشزاً.
الحالة الثانية من هذه الحالات هي: (إذا تركت مسكن الزوجية دون عذر شرعي).
والنتيجة المباشرة والأساسية لاعتبار الزوجة ناشزاً هي أنها لا تستحق النفقة.
بقاء المطلقة في منزل الزوجية بعد الطلاق:
المادة ١٥٩ من قانون الأسرة القطري حددت أن المطلقة والتي توفي عنها زوجها تبقي خلال فترة العدة في منزل الزوجية.
ويبدأ احتساب العدة كما حددت المادة ١٥٧ من القانون اعتبارا من تاريخ وقوع الفرقة، فإذا كانت الفرقة بين الزوجين قد تمت بحكم قضائي، تبدأ فترة العدة منذ تاريخ كون الحكم نهائيا.
أما المادة ١٦٠ فقد حددت عدة المتوفي عنها زوجها بمضى أربعة أشهر وعشرة ايام، ما لم تكن حاملا.
هل للمطلقة حق في منزل الزوجية في قطر؟:
هذا السؤال وجدنا إجابات خاطئة عليه من غير القانونيين الذين ينشئون مواقع أو مدونات إلكترونية يتصدون فيها للشأن القانوني على خطورته وللأسف بغير علم.
والحقيقة أنه لا حق للمطلقة في منزل الزوجية حسب أحكام القانون القطري.
قانون الأسرة القطري في مادته رقم ٧٦ جعل من حق ((المحضون)) وهو الطفل أو الطفلة في حاضنة والدتهم (طالع تقريرنا: كل ما تريد معرفته عن حضانة الأطفال بعد الطلاق في القانون القطري)، الحق في أن يوفر له والده السكن.
ولعل هذا ما سبب الاضطراب لدي غير القانونيين، إذ شاهدوا بعض الزوجات يقمن في منزل الزوجية أو يوفر أزواجهن السابقين لهن منزل آخر للسكن، فنشأ اعتقاد أنه حق للزوجة المطلقة في قطر، والحقيقة أنه حق للأطفال المحضونين، والأم تقيم معهم بصفتها حاضنة.
وفي هذه الحالة فإن بقاء الزوجة في منزل الزوجية يظل قائما حتى انتهاء فترة الحضانة.
ومع ذلك فإن المادة ١٨١ من قانون الأسرة القطري وضعت اختيار آخر للزوج المطلق وهو أن يوفر سكن مناسب للحاضنة أو أن يدفع أجرة لمسكن ملائم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الزوج المطلق لا يدفع كامل قيمة أجرة السكن.
بل يتم تحديد نصيبه من أجرة السكن ويقوم بسداده وليس أكثر.
فإذا أقامت الحاضنة مع أهلها في مسكن مستأجر يتم تكليف والد المحضون بأداء أجرة يتم الاتفاق عليها وديا، فإن تعذر ذلك تحدد المحكمة هذه الأجرة مراعية في ذلك عدد المحضونين.
فإن كان أهل الزوجة موافقين على إقامة أبنتهم وأولادها معهم بدون أجرة، فهنا لا يدفع الزوج شيئا.
هذا وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة ١٨١ على: ((وفي حالة وجود السكن الممنوح من الدولة لأب المحضون حال قيام الزوجية، أو بسببها، يقسم المسكن، قسمة انتفاع، بين ولي المحضون والحاضنة بطريقة عادلة وشرعية، ويراعى فيها حاجة كل منهم)).
في النهاية يمكنكم استخدام خاصية التعليقات أسفل الصفحة لطرح أسئلتكم حيث يسرنا الرد عليها.
ولأي استشارات بشأن حق الزوجة في مسكن الزوجية في قطر .. أو أي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا) حيث نقدم إجابات شاملة ومجانية لمدة ٣ أيام على الأقل.
كما لا تنسوا متابعتنا على منصاتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي:
وفي الختام سلام عليكم..
إرسال تعليق