حديثنا اليوم في هذا التقرير عن واحدة من أكثر الجرائم نزولا بشأن صاحبها.
![]() |
تقرير يوضح ما هي عقوبات الدعارة في القانون البحريني، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل. |
فمن تمتهن مهنة الدعارة لا تحترم نفسها، ولا يحترمها من يفعل بها الفاحشة، وهي حين تفعل ذلك فإنها تهين جسدها وسمعتها في مقابل مال حرام.
وهي في الوقت نفسه تعرض نفسها للكثير من الأمراض العالية الخطورة، فإن اصيبت بها نشرتها بين من يفعلون بها الفاحشة.
حرم الله -عز وجل- فعل الزنا نفسه، وبالتأكيد فإن الدعارة هي في منزلة أشد من الزنا.
في البحرين، تم تجريم فعل الدعارة والتحريض عليها، وهذا ما سنتناوله بالشرح والايضاح في هذا التقرير.
عقوبة ممارسة الدعارة في البحرين:
اخترنا أن نبدأ بنص المادة ٣٢٦ من قانون العقوبات البحريني والتي تتحدث عن من تمارس الدعارة، بالرغم من أن المادتين ٣٢٥ و ٣٢٤ قد سبقتا بتوضيح عقوبة (التحريض على الفجور والدعارة).
سنتحدث عن هاتين المادتين بالتفصيل لكن اخترنا أن نبدأ بالحديث عن من تمارس الدعارة أولا، لأنها أشمل إذ تضم من اختارت أن تمارسها من تلقاء نفسها، ومن مارستها نتيجة تحريض من آخرين.
وتنص المادة ٣٢٦ من المرسوم بقانون رقم ١٥ لسنة ١٩٧٦ بإصدار قانون العقوبات البحريني على:
((يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات:
١- كل من يعتمد في حياته ذكرا كان أو أنثى بصفة كلية أو جزئية على ما يكسبه من ممارسة الفجور أو الدعارة)).
هذا النص لم يشترط لإنزال العقوبة أن يكون من يعمل بالدعارة معتمدا اعتمادا كليا عليها في دخله، بل يكفي أن يكون ذلك جزءا من دخله مهما كان بسيطا.
فمثلا من تعمل في مهنة شريفة أخرى، وتعمل بجانب ذلك في الدعارة، يتحقق في شأنها الجريمة، وتحدد المحكمة عقوبة الحبس المناسبة لها بشرط أن لا تتجاوز مدتها خمس سنوات.
عقوبة التكسب من ممارسة شخص آخر للدعارة:
لكن الدعارة كمهنة قد تدر مالا على غير من يمارسها أيضا، وهذا ما تضمنته الفقرتين الثانية والثالثة من المادة ٣٢٨ عقوبات بحريني، حين نصت الفقرة الثانية على: ((كل من يعتمد في حياته كليا أو جزئيا على ما يكسبه غيره من ممارسة الفجور أو الدعارة وذلك بتأثيره فيه أو سيطرته عليه أو بإغرائه على ممارسة الفجور أو الدعارة سواء كان ذلك بالحصول على ماله برضائه وبدون مقابل أم كان بالحصول عليه بصفة أتاوة مقابل حمايته أو مقابل عدم تعرضه له)).
ونصت الفقرة الثالثة على: ((كل من يحمي شخص يمارس الفجور أو الدعارة لقاء منفعة أيا كانت)).
ارتكاب أي فعل من هذه الأفعال يعاقب بنفس عقوبة مرتكب جريمة الدعارة ذاتها وهو (الحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات).
عقوبة التحريض على الدعارة في البحرين:
بالاطلاع على المادة ٣٢٤ من المرسوم بقانون رقم ١٥ لسنة ١٩٧٦ بإصدار قانون العقوبات البحريني، نجد أنها تنص على: ((كل من حرض ذكرا أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك بأية طريقة كانت يعاقب بالحبس)).
وطالما قال النص ((يعاقب بالحبس)) دون أن يحدد مدة العقوبة فإننا نتقيد بتحديد عقوبة الحبس بشكل عام والواردة في المادة رقم ٥٤ في قانون العقوبات البحريني، والتي جعلت حده الأدني ((عشرة أيام)) وحده الأقصى ((لا يزيد على ثلاث سنين)).
شذرة قانونية: في الكثير من قضايا الدعارة أو التحريض عليها فإن النيابة العامة تقوم بحبس المتهمين وإحالتهم إلي المحكمة لنظر قضيتهم وهم محبوسين.
ويستوى في ذلك أن يكون التحريض باستخدام الطرق العادية والتقليدية -مثل الحديث وجها لوجه-، أو باستخدام وسائل التقنيات الحديثة مثل الهواتف وشبكات التواصل الاجتماعي.
ومن ذلك على سبيل المثال، حكم الدائرة الثالثة بالمحكمة الصغرى الجنائية الصادر في يوليو عام ٢٠٢٣ بالحبس ثلاثة أشهر ومصادر الهاتف النقال والصادر ضد سيدة استغلت حسابها على أحد منصات التواصل الاجتماعي للتحريض على الفجور والدعارة.
عقوبة تحريض القاصرات على ممارسة الدعارة في البحرين:
![]() |
شدد القانون البحريني عقوبة التحريض على الدعارة إذا كانت الفتاة لا تزال قاصر، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل. |
المشرع البحريني في الفقرة الثانية من نفس المادة (٣٢٤ / عقوبات) شدد من عقوبة فعل (التحريض على الدعارة) إذا كانت سن المجني عليها تقل عن الثامنة عشرة.
فبدلا من حد الثلاث سنوات عقوبة التحريض الأصلية، جعلت العقوبة هي (الحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات).
عقوبة الإكراه على ممارسة الدعارة في البحرين:
بموجب القانون رقم ٣ لسنة ٢٠١٩، تم تعديل المادة رقم ٣٢٥ من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم ١٥ لسنة ١٩٧٦، والتي تعاقب كل من (حمل ذكراً أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة عن طريق الإكراه أو التهديد أو الحيلة يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تجاوز سبع سنوات).
ونلاحظ على هذا النص أنه حدد على سبيل الحصر الطرق التي يرتكبها أحد الأشخاص ليجبر فتاة أو سيدة على ممارسة الدعارة، وهي:
أولا: الإكراه: والإكراه كأن تكون الفتاة تحت سيطرة الفاعل ويحبسها في مكان ويجبرها على ممارسة الدعارة.
ثانيا: التهديد: ومنه التهديد المادي كأن يهدد الفاعل الفتاة أو السيدة بسلاح، ومنه أيضا التهديد المعنوي والذي ينتشر هذه الأيام في صورة كررنا كثيرا التحذير منها، بخداع الفاعل للضحية عبر الإنترنت والايهام بالحب وطلب صور عارية، ثم يقوم بتهديدها بنشرها.
ثالثا: الحيلة: كمن يقوم مثلا بوضع مخدر لفتاة أو سيدة في مشروب ثم تستيقظ وتجد نفسها قد وقعت ضحية لأفعاله.
هذه مجرد أمثلة على الإكراه أو التهديد أو الحيلة، ونحن نهيب بكل من وقع ضحية لأي من هذه الأفعال، بأن يتوكل على الله ويقوم بالابلاغ عن الجاني، وأن لا يترك نفسه فريسة له.
وقد شدد المشرع البحريني عقوبة التحريض على الدعارة كما رأينا في النص ولكننا نلاحظ أيضا أنه جعل العقوبة (السجن) وليس (الحبس) .. فما معني ذلك؟.
يعني أن هذه الأفعال كلها ونظرا لخطورتها، ترتفع من مرتبة الجنح لتصل إلى مرتبة (الجنايات) إعمالا لنص المادة ٤٩ من المرسوم بقانون رقم ١٥ لسنة ١٩٧٦ بإصدار قانون العقوبات البحريني، وتنظرها محكمة الجنايات وليس الجنح.
عقوبة إكراه القاصرات على ممارسة الدعارة في البحرين:
مرة أخرى يتشدد المشرع البحريني إذا تم الإكراه بحق القاصرات بهدف إجبارهن على ممارسة الدعارة.
ورد ذلك في الفقرة الثانية من نفس المادة (٣٢٥ / عقوبات بحريني)، والتي نصت على أنه إذا كانت سن المجني عليها تقل عن الثامنة عشرة كانت العقوبة (السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات ولا تجاوز عشر سنوات).
ومن تطبيقات ذلك، الحكم الصادر في أكتوبر عام 2015 عن الدائرة الثالثة بالمحكمة الكبرى الجنائية بالسجن لمدة 10 سنوات لروسيتين وبحريني أجبروا فتاة روسية قاصرة على ممارسة الدعارة، مع الأمر بالابعاد النهائي للروسيتين بعد تنفيذهما العقوبة.
جريمة إنشاء وإدارة منزل أو محل للدعارة:
كما جاء في حكم محكمة التمييز البحرينية في الطعن رقم ١١٢ لسنة ٢٠١٥ ق والصادر بتاريخ ٦ / ٤ / ٢٠١٥.
أنه وبمقتضى المادة ٣٢٨ / فقرة ١ عقوبات بحريني، تعد جريمة إنشاء وإدارة منزل أو محل للدعارة من جرائم العادة التي يستلزم لثبوت قيامها نشاطا إيجابيا إما بفتح المحل أو إعداده للغرض الذي خصص من أجله أو تشغيله وتنظيم العمل فيه.
وتحديد مدى توافر ركن الاعتياد في إنشاء وإدارة منزل أو محل للدعارة هو مسألة تحددها (محكمة الموضوع) التي تنظر القضية.
ويحكم على من يدان بهذا الفعل بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز الخمس سنوات.
ومن تطبيقات ذلك الحكم الصادر في أكتوبر عام ٢٠١٨ بسجن سيدة خليجية لمدة خمس سنوات بتهمة إدارة مسكنها لأعمال الدعارة.
متي تتحول الدعارة إلى "اتجار بالبشر"؟:
حدد القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٨ الحالات التي تعتبر (إساءة استغلال) يقوم فيها أحد الأشخاص باستغلال شخص آخر، ومن صورها استغلاله في ممارسة الدعارة، واعتبر ذلك جريمة (اتجار بالبشر).
وما يهمنا الآن من تعريف المادة الأولى من هذا القانون الاتجار بالبشر أنه: ((يقصد بالاتجار بالأشخاص تجنيد شخص أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله بغرض إساءة الاستغلال، وذلك عن طريق الإكراه أو التهديد أو الحيلة أو باستغلال الوظيفة أو النفوذ أو بإساءة استعمال سلطة ما على ذلك الشخص أو بأية وسيلة أخرى غير مشروعة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.
وتشمل إساءة الاستغلال استغلال ذلك الشخص في الدعارة أو في أي شكل من أشكال الاستغلال أو الاعتداء الجنسي)).
وحسب المادة الثانية من القانون يعاقب كل من يرتكب أيا من هذه الأفعال بالسجن والغرامة التي لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد عن عشرة آلاف دينار.
كما يلزم أيضا أن يتم تحميل الجاني المصاريف ومن بينها مصاريف إعادة المجني عليه إلي بلده إذا كان أجنبيا، كما تأمر المحكمة بمصادرة جميع الأشياء التي تم استخدامها في ارتكاب الجريمة.
في النهاية يمكنكم استخدام خاصية التعليقات أسفل الصفحة لطرح أسئلتكم حيث يسرنا الرد عليها.
ولأي استشارات بشأن جريمة الدعارة في البحرين .. أو أي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا) حيث نقدم إجابات شاملة ومجانية لمدة ٣ أيام على الأقل.
كما لا تنسوا متابعتنا على منصاتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي:
وفي الختام سلام عليكم..