لكي يعيش الإنسان في سلام، لابد أن يأمن على نفسه وعرضه وماله.
![]() |
نشرح في هذا التقرير جريمة إتلاف ممتلكات الغير والتعويض عنها حسب أحكام القانون الإماراتي، الصورة تم تصميمها باستخدام نموذج (DALL·E) من شات جي بي تي. |
فعندما يختلف الناس مع بعضهم البعض، لا يمكن أبدا السماح بأن يعتدي أحدهم على مال غيره.
فإن حدث ذلك فإننا نكون أمام جريمة (الإتلاف) التي يعاقب عليها المشرع الإماراتي جنائيا، ويعطي للمجني عليه فيها كذلك الحق في الحصول على تعويض مناسب للضرر الذي أصابه.
ما هي عقوبة إتلاف مال الغير في القانون الإماراتي؟:
عدد المرسوم بقانون اتحادي رقم ٣١ لسنة ٢٠٢١ بإصدار قانون الجرائم والعقوبات الإماراتي أكثر من حالة من حالات إتلاف مال الغير.
تختلف هذه الحالات من حيث الوقائع، العقوبات، وهو ما سنبينه كما يلي:
الحالة الأولى: هدم أو إتلاف مال الغير:
تنص الفقرة الأولى من المادة رقم ٤٦٤ من قانون الجرائم والعقوبات الإماراتي على: ((يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف درهم، أو بإحدي هاتين العقوبتين، كل من هدم أو أتلف مالا مملوكا للغير ثابتا كان أو منقولا جعله غير صالح للاستعمال أو عطله بأي طريقة)).
بهذا النص تتراوح مدة عقوبة هدم هدم أو إتلاف مال الغير في الإمارات بين شهر وسنة، وذلك لأن عقوبة الحبس في الإمارات لا يجوز أن يقل حدها الأدنى عن شهر حسب المادة ٧٠ من ذات القانون.
وهكذا أيضا فإن هذه الحالة تصنف ((جنحة)) في قانون الجرائم والعقوبات الإماراتي، وبالتحديد وفقا لحكم المادة ٣٠ منه.
ويجوز للمحكمة أن تأمر بالجمع بين عقوبة الحبس والغرامة التي تتراوح في هذه الجريمة بين (ألف درهم ولا تزيد عن عشرة آلاف درهم)، وذلك لأن المادة ٧٢ من القانون، جعلت من غير الجائز أن تقل عقوبة الغرامة عن ألف درهم.
كما يجوز لها أن تكتفي بإحدي العقوبتين (الحبس أو الغرامة)، ويرجع تقدير ذلك إلي المحكمة حسب ظروف وملابسات كل قضية.
ومن الأمثلة على ذلك حكم محكمة أبوظبي الابتدائية الصادر في يونيو عام 2022، والذي قضت فيه المحكمة بغرامة خمسة آلاف درهم إماراتي على متهم بإتلاف مال الغير.
ذلك الحكم للمفارقة صدر بحق زوج أتلف سيارة زوجته.
هذا ولم يفرق النص بين هدم وإتلاف مال الغير سواء كان ثابتا مثل: (العقارات) أو منقولا مثل: (السيارات، المصوغات الذهبية.. إلخ).
كما لم يشترط أن يكون الإتلاف كاملا بل يكفي تعطيله أو جعله غير صالح للاستعمال، بمعني أن من أتلف إطارات سيارة شخص آخر مثله مثل من حطم السيارة بالكامل في نظر قانون العقوبات، ارتكب جريمة إتلاف.
الفارق الذي قد يحدث سيكون في مقدار العقوبة نفسها، وكذلك في مقدار التعويض الذي سيدفعه للمجني عليه.
المهم هنا أن يثبت للمحكمة أن الجاني قد تعمد ارتكاب الفعل المنهي عنه (جريمة الإتلاف) واتجهت إرادته إلي حدوث النتيجة (إتلاف المال) سواء كليا أو جزئيا أو عطله أو غير صالح للاستعمال.
ومع ذلك لا يلزم أن تتحدث المحكمة في حكمها إذا أدانت المتهم عن (القصد الجنائي) طالما كانت قد أوردت في الحكم الوقائع والظروف التي يستدل منها على قيام القصد الجنائي للمتهم بإتلاف مال المجني عليه.
الحالة الثانية: هدم أو إتلاف نتج عنه تعطيل مرفق عام:
المادة ٤٦٤ من قانون الجرائم والعقوبات الإماراتي، نصت في فقرتها الثانية على ما يلي: ((وتكون العقوبة الحبس إذا نشأ عن الجريمة تعطيل مرفق عام أو منشأة ذات نفع عام أو إذا ترتب عليها جعل حياة الناس وأمنهم أو صحتهم في خطر)).
ونلاحظ هنا أنه وفي هذه الحالة جعل المشرع الإماراتي عقوبة جريمة الإتلاف هي ((الحبس)) وسكت، فألزم القضاء بحبس المتهم.
![]() |
عندما يحاكم شخص بتهمة إتلاف أو هدم نتج عنها تعطيل مرفق عام في الإمارات، فإن ذلك يؤدي إلي تشديد العقوبة عليه، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل. |
وكما أسلفنا فإن عقوبة الحبس في الإمارات لا يجوز أن تقل في حدها الأدنى عن شهر، في حين لا تزيد في حدها الأقصى عن ثلاث سنوات.
وهكذا تصنف جريمة إتلاف مال الغير في هذه الحالة أيضا من ضمن (الجنح) وليس (الجنايات).
الحالة الثالثة: إتلاف مال الغير على يد عصابة من الناس:
لا نزال هنا أيضا مع المادة ٤٦٤ من قانون الجرائم والعقوبات الإماراتي، وبالتحديد الفقرة الثالثة والأخيرة منها والتي نصت على: ((وتكون العقوبة السجن المؤقت مدة لا تزيد على خمس سنوات إذا وقعت الجريمة من عصابة مؤلفة من ثلاثة أشخاص على الأقل)).
وهنا نلاحظ أن العقوبة قد أصبحت (السجن المؤقت) ما يعني أن جريمة إتلاف مال الغير في هذه الحالة قد تحولت إلى (جناية) وليست جنحة.
ونلاحظ أيضا أن النص قد حدد أن العقوبة لا تزيد على خمس سنوات كحد أقصى، لكنه لم يذكر الحد الأدنى لها، لذا فإننا نعود إلى نص المادة ٦٩ - الفقرة الثانية من قانون الجرائم والعقوبات الإماراتي، والتي أوجبت أن لا تقل مدة عقوبة السجن المؤقت عن ثلاث سنوات كحد أدنى.
والشرط الوحيد هنا أن يكون فعل (إتلاف مال الغير) قد تم من عصابة -أي جماعة- فلفظ العصابة هنا لا يعني أنهم يشكلون تشكيل إجرامي مثلا، بل هو لفظ يوصف به أي جمع من ثلاثة أشخاص فأكثر قاموا بالجريمة معا، ولو كانوا ثلاثة أطباء أو ثلاثة مهندسين أو ثلاثة أشقاء .. إلخ.
وعبرة تشديد العقوبة في هذه الحالة أنهم قد استخدموا الترهيب والتكتل ضد المجني عليه.
الحالة الرابعة: إتلاف المزروعات والأشجار:
خصص المشرع الإماراتي المادة ٤٦٥ من قانون الجرائم والعقوبات الإماراتي ليحدد عقوبة الحبس والغرامة أو بإحدي هاتين العقوبتين، كل من:
- كل من قطع أو أقتلع أو أتلف شجرة أو طعمه في شجرة، أو قشرها بطريقة تميتها.
- كل من أتلف زرعا قائما أو أي نبات أو حقلا مبذورا أو بث فيه مادة أو نباتا ضارا.
- كل من أتلف آلة زراعية أو أداة من أدوات الزراعة أو جعلها غير صالحة للاستعمال بأية طريقة.
وذلك إذا كانت الأشياء المتلفة الواردة في الفقرات السابقة مملوكة للغير.
وتكون العقوبة السجن المؤقت مدة لا تزيد على خمس سنوات إذا وقعت الجريمة من ثلاثة أشخاص فأكثر أو من شخصين يحمل أحدهما سلاحا)).
وكما نري فإن النص أشترط في كل ذلك أن تكون هذه الأشياء مملوكة للغير، فلا جريمة ولا عقوبة إذا كانت ملكا لصاحبها فأتلفها بنفسه أو بواسطة غيره.
ومع ذلك فيجب الإنتباه هنا إلى أنه يجب أن يكون هذا الإتلاف إذا كانت الأرض زراعية وتستخدم للزراعة، قد تم بناء على موافقات الجهة الإدارية المختصة لعدم التعرض لغرامات.
التعويض عن إتلاف مال الغير في الإمارات:
بجانب العقوبات المقررة في قانون الجرائم والعقوبات الإماراتي لمن يدان بجريمة إتلاف مال الغير، فإن هناك أيضا (التعويض) الذي نص عليه وأوجبه القانون الاتحادي رقم ٥ لسنة ١٩٨٥ بإصدار قانون المعاملات المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة.
إذ حملت المادة رقم ٣٠٠ منه عنوان (إتلاف المال)، ونصت في بدايتها على: ((من أتلف مال غيره أو أفسده ضمن مثله إن كان مثليًا وقيمته إن كان قيميًا)).
وهذه المادة تتحدث عن حالة الإتلاف أو الإفساد الكامل الذي لا يصلح بعدها المال للاستخدام.
ومعني (ضمن مثله إن كان مثليًا) أي في الأموال التي لها ما يماثلها تماما (مثال: سيارة تويوتا لاندكروزر موديل عام معين)، فهنا يضمن من أتلفها أن يأتي لصاحبها بسيارة نفس النوع والطراز وسنة الصنع وبالحالة التي كانت عليها قبل أن يتسبب في تلفها.
ومعني ((وقيمته إن كان قيميًا)) أي في الأموال التي تقدر بالقيمة، مثال: شخص تسبب في إتلاف محصول قمح كان مملوكا لشخص آخر، فهنا نقدر قيمة المحصول التالف ويدفعه من أتلفه.
التعويض عن الإتلاف الجزئي لمال الغير:
لكن لا ينتج عن كل الحالات التي يحدث فيها إتلاف لمال الغير أن يكون التلف كليا، فقد يكون النقص حدث في جزء منه فقط، وهذا ما تعاملت معه المادة ٣٠١ من القانون الاتحادي رقم ٥ لسنة ١٩٨٥ بإصدار قانون المعاملات المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي نصت على: ((إذا كان الإتلاف جزئيا ضمن المتلف نقص القيمة، فإذا كان النقص فاحشا، فصاحب المال بالخيار إن شاء أخذ قيمة ما نقص، وإن شاء ترك المال المتلف وأخذ قيمته)).
وإذا ما أردنا ضرب مثال بالإتلاف الجزئي: (من صدم بسيارته سور منزل شخص آخر، فيتم تقدير قيمة الإصلاحات ويقوم بسدادها، لأنه أصاب جزء من السور ولم يهدمه كله).
لكن هناك نوع من الإنقاص يسمي (النقص الفاحش)، ولنضرب هنا مثالا آخر من تقرير كنا قد أعددناه من قبل عن : (عقد تأجير سيارة في الإمارات .. تقرير يجب أن تقرأه)، فلو استأجر شخص سيارة وتسبب في وقوع حادث لها، وكانت الأضرار فاحشة كحالة أن أنقلب بها مثلا.
في هذه الحالة يكون من حق صاحب المال (مكتب تأجير السيارات في حالتنا) أن يختار أخذ قيمة الإصلاحات وإن شاء يترك السيارة لمن استأجرها ويأخذ منه ثمنها.
في النهاية يمكنكم استخدام خاصية التعليقات أسفل الصفحة لطرح أسئلتكم حيث يسرنا الرد عليها.
ولأي استشارات بشأن إتلاف مال الغير والتعويض عنه في الإمارات .. أو أي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا) حيث نقدم إجابات شاملة ومجانية لمدة ٣ أيام على الأقل.
كما لا تنسوا متابعتنا على منصاتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي:
وفي الختام سلام عليكم..
إرسال تعليق