في السنوات الأخيرة الماضية، زاد الاهتمام في مملكة البحرين كثيرا بالمرسوم بقانون رقم ١ لسنة ١٩٨٧ بشأن بعض الأحكام المتعلقة ببيع وتأجير المحال التجارية، وخصوصا ما تضمنه بشأن (التستر التجاري).
![]() |
في التستر التجاري يظهر البحريني وكأنه هو المستفيد من التجارة، لكن واقعيا فهو ستارة للمستفيد الحقيقي، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل. |
حيث انتشرت ظاهرة أن يقوم أحد البحرينيين (أو من يحظى بمعاملة البحريني) بإصدار سجل تجاري خاص به، ثم يترك أحد الأجانب يستفيد منه ويمارس هو التجارة ويديرها ويحصل على أرباحها، في مقابل راتب أو مقابل شهري يحصل عليه المواطن البحريني.
وغالبا يحدث ذلك إذا كان النشاط التجاري محظور أصلا على غير البحريني ممارسته، أو كان البحريني يحصل على مميزات في بداية عمله لا يحصل عليها الأجنبي، أو غير ذلك من الأسباب.
هذا التستر التجاري مضر بالاقتصاد البحريني، حيث يتم تحويل النسبة الأكبر من أرباحه خارج البلاد، كما أن حكومة البحرين وحينما منحت حق ممارسة الأعمال التجارية لشخص ما، فإنه ليس من حق هذا الشخص التنازل عنه أو منحه للآخرين.
ولذا تدخل القانون البحريني لمواجهته، وفي هذا التقرير حديثنا عن التستر التجاري في القانون البحريني.
ما هو التستر التجاري في القانون البحريني؟:
حيث حظر هذا القانون في المادة الأولى منه على أي تاجر -فرد أو شركة- من المسجلين في (السجل التجاري)، أن يقوم ببيع أو تأجير هذا السجل التجاري، بدون أن يشمل عقد البيع أو الايجار المحل التجاري الصادر له السجل.
كما حظر القانون أيضا على التجار سواء كانوا أفراد أو شركات من المقيدين في السجل التجاري أن يقوموا ببيعه أو تأجيره، أو تأجير المحل التجاري الصادر له السجل لأجنبي.
وهنا نلاحظ أن القانون حدد حالتين يمكن أن توصف أيا منهما بالتستر التجاري، وهما:
- بيع أو تأجير السجل التجاري دون أن يشمل ذلك بيع أو تأجير المحل التجاري نفسه.
- بيع أو تأجير السجل التجاري أو المحل التجاري لأجنبي.
ما هي عقوبة التستر التجاري في البحرين؟:
من الملاحظ أن قانون رقم ١ لسنة ١٩٨٧ بشأن بعض الأحكام المتعلقة ببيع وتأجير المحال التجارية البحريني، قد اختار أن يكون (متدرجا) في العقوبات المقررة لوقائع التستر التجاري.
فحسب نص المادة الثانية من القانون تبدأ الإجراءات بشكل تصاعدي، بداية من (إخطار) تتولي وزارة الصناعة والتجارة القيام به، لإخطار التاجر بارتكابه مخالفة للقانون، مع إمهاله مدة لا تقل عن أسبوع لإزالة المخالفة وأسبابها.
أيضا وحسب ذات المادة، يجوز للوزارة أن تغلق المحل المخالف إداريا.
لكن الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون رقم ١ لسنة ١٩٨٧ بشأن بعض الأحكام المتعلقة ببيع وتأجير المحال التجارية البحريني، أيضا جعلت من حق الوزارة في حالة تحققها من إزالة أسباب المخالفة، أذنت للتاجر بإعادة فتح محله مرة أخرى.
ويتصاعد الأمر عندما لا يتعامل التاجر مع هذا الاخطار بجدية، ولا يزيل أسباب المخالفة في غضون المهلة المحددة له.
حينها تقوم الوزارة بإحالة الأوراق إلى النيابة العامة البحرينية لتحريك الدعوى الجنائية ضد المخالفين (المتستر، والمتستر عليه).
مع العلم أنه وبحسب المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم ١ لسنة ١٩٨٧ بشأن بعض الأحكام المتعلقة ببيع وتأجير المحال التجارية، فإن هذا الاخطار، وما يليه من مهلة لإزالة أسباب المخالفة لا يتمتع به المخالف إلا مرة واحدة فقط.
فإذا تم إخطاره مرة وأزال أسباب المخالفة، ثم تم اكتشاف تكراره لها مرة ثانية، فإنه يتم تحويله إلي النيابة العامة مباشرة.
ثم نصل إلى أقصى عقوبة للتستر التجاري حسب القانون البحريني وهي الحبس لمدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تتجاوز ١٠٠٠ دينار بحريني أو أحداهما.
وطالما قال النص (الحبس لمدة لا تزيد عن سنة) فيعني هذا أنه يجوز أن تقل عن سنة إلى الحد الأدنى لعقوبة الحبس في البحرين، والذي تحدده المادة ٥٤ من قانون العقوبات بعشرة أيام.
لذا يجوز للمحكمة حسب ظروف وملابسات كل قضية أن تحدد مدة الحبس بما لا تقل عن عشرة أيام ولا تزيد عن سنة.
وإن كان الواقع العملي الذي نراه من أحكام المحاكم البحرينية أن (المحكمة الصغرى الجنائية) يميل القضاة فيها إلى الحكم بالغرامة وليس الحبس (حيث أن نص القانون وكما أتاح للقضاء أن يجمع بين العقوبتين، فقد أتاح له أيضا أن يكتفي بعقوبة واحدة من عقوبتي الحبس أو الغرامة).
مع الأخذ بعين الاعتبار أن غرامة الألف دينار التي غالبا ما يتم الحكم بها، لا يتم قسمتها على المتهمين (المتستر) و (المتستر عليه) بل يدفع كل متهم منهما ألف دينار بشكل مستقل عن الآخر.
العقوبات التكميلية لجريمة التستر التجاري في القانون البحريني:
لكن الغرامة لا تكون هي العقوبة الوحيدة، إذا وفي الغالبية الكاسحة من القضايا، يحكم القضاء البحريني بمحو قيد السجل التجاري للبحريني، مع إغلاق المحل التجاري الذي وقعت فيه المخالفة.
أيضا فإن التكاليف المالية لا تتوقف عند حدود الغرامة، بل تأمر المحكمة أيضا بنشر منطوق الحكم على نفقة المحكوم عليهم.
وكما قلنا فإن هذه الجريمة (التستر التجاري) يكون أحد طرفيها بحريني، والآخر أجنبي وهو (المتستر عليه).
لذا فإن القانون أتاح للنيابة العامة أن تطلب من المحكمة أن تأمر بإصدار قرار بمنعه من السفر لحين انتهاء المحاكمة وصدور الأحكام -وهذا ما يحدث بالفعل في الواقع العملي-، وذلك حتى يقوم بسداد كافة الإلتزامات المالية و التعويضات التي ترتبت على مخالفة أحكام هذا القانون قبل مغادرته البحرين.
ومع ذلك فقد جعلت المادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم ١ لسنة ١٩٨٧ بشأن بعض الأحكام المتعلقة ببيع وتأجير المحال التجارية من حق الأجنبي الذي أمرت المحكمة بمنعه من مغادرة البحرين، أن يتظلم من هذا الأمر في أي وقت، ويرفع هذا التظلم إلى ذات المحكمة التي أصدرت الأمر بمنعه من السفر.
وفي جميع الأحوال وطالما اقتنعت المحكمة بحدوث الجريمة وأصدرت عقوبات ضد مرتكبيها، فإن لها أن تأمر في الحكم بترحيل الأجنبي خارج البحرين، وابعاده ومنعه من العودة إليها إما لمدة ثلاث سنوات، وإما نهائيا، ويكون تحديد ذلك حسب تقدير المحكمة.
في النهاية يمكنكم استخدام خاصية التعليقات أسفل الصفحة لطرح أسئلتكم حيث يسرنا الرد عليها.
ولأي استشارات بشأن التستر التجاري في القانون البحريني .. أو أي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا) حيث نقدم إجابات شاملة ومجانية لمدة ٣ أيام على الأقل.
كما لا تنسوا متابعتنا على منصاتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي:
وفي الختام سلام عليكم..