أحكام الخطبة وفسخها في القانون الكويتي

يحكم قانون الأحوال الشخصية المعدل بالقوانين أرقام ٦١ لسنة ١٠٩٦ و ٢٩ لسنة ٢٠٠٤ و ٦٦ لسنة ٢٠٠٧، مسائل الأحوال الشخصية في دولة الكويت، ومن بينها "الخطبة".

ما هي قوانين الخطوبة في الكويت؟.
ينظم القانون الكويتي (الخطبة) وما قد يحدث خلالها أو حتى عند فسخها، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل.

ونتحدث في هذا التقرير عن أهم قواعد الخطبة في هذا القانون، وهل هي ملزمة؟ وما هي أحكام الهدايا التي تقدم خلالها وهل تسترد في حالة العدول عن الخطبة؟ ونستكشف المصادر الفقهية التي استقي منها المشرع الكويتي أحكامه في هذه المسائل.

هل الخطبة ملزمة بالزواج في القانون الكويتي؟:

بحسب المادتين (٢ و ٣) من قانون الأحوال الشخصية الكويتي، فإن الخطبة لا تلزم بالزواج.

وهكذا أخذ المشرع الكويتي برأي الجمهور من الفقهاء، بأنها من مقدمات الزواج، ووعد متبادل بين الخاطب والمخطوبة، بإجراء عقد الزواج في المستقبل، وعلى هذا يكون لكليهما العدول عنها، كما أنها في الأصل وكما قالت المذكرة الإيضاحية للقانون: ((الخطبة ليست شرطا في صحة الزواج)).

زواج المخطوبة من شخص آخر غير خطيبها:

زادت المادة ٣ من قانون الأحوال الشخصية الكويتي في فقرتها (ب) على ذلك، حينما نصت على: ((إذا لم يحصل عدول وتزوجت المخطوبة بآخر فلا يفسخ الزواج)).

وبذلك يكون المشرع الكويتي قد أخذ بالرأي القائل أن حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي قال فيه: ((ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك))، إنما هو نهي عن الفعل دون ترتيب نتيجة بطلان زواج من يخطب فتاة مخطوبة بالفعل.

ومع ذلك تلزم الإشارة هنا إلي وجود رأي فقهي يعتبر أن العدول عن الخطبة "بدون مبرر" يكون فيه معصية "نقض الوعد" وفي هذه الحالة يكون الجزاء من عند الله.

ما هو أثر العدول عن الخطبة على المهر في القانون الكويتي؟:

بمطالعة المادة الرابعة من قانون الأحوال الشخصية الكويتي نجد أنه إذا حدث عدول عن الخطبة، سواء كان من عدل عنها الخاطب أو المخطوبة، ففي كلا الحالتين، يكون للخاطب الحق في استرداد المهر الذي دفعه.

بل وقد حددت هذه المادة طريقة استلام المهر نفسها، بأن حددت استلام الخاطب للمهر ذاته الذي دفعه، فإن تعذر الرد بشكل عيني، فإنه يسترد (قيمته يوم قبضه).

وفي الفقرة (ب) من ذات المادة، نجد إدخال "الهدايا" التي جري العرف بين الناس على اعتبارها من المهر، ضمن المهر الذي يسترده الخاطب.

فعلى سبيل المثال، إذا اشتري الخاطب لمخطوبته مصوغات ذهبية، فهنا من حقه أن يستردها عند العدول عن الخطوبة، سواء كان العدول منه أو من المخطوبة، طالما كان العرف يجري على اعتبار أن المصوغات الذهبية جزء من المهر.

وقد أعطت الفقرة (ج) من المادة الرابعة أيضا للمخطوبة في حالة إن كانت قد أشترت بكامل المهر أو بجزء منه أشياء من جهازها الذي كانت ستتزوج به، أعطتها للخيار بين أن تعيد المهر أو تسليم ما يساويه من الجهاز وقت شراءها.

وتكون الكلمة الفصل هنا "للقيمة المدونة في فواتير الشراء"، وهذا الرأي المعمول به في الفقه المالكي كما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون.

وبهذا يكون المشرع الكويتي قد أخذ بالأجماع الفقهي بأن المهر لا يجب إلا بعقد نكاح، لذا فإن الخطبة إذا تم العدول عنها، سواء من الخاطب أو المخطوبة، يجب حينها رد ما تم دفعه من المهر.

وكذلك يجري هذا الحكم على الهدايا التي جري العرف باعتبارها منه، وهذا ما جري عليه فقه الحنابلة وما تقرر في الفقه المالكي، ومنه قول الزرقاني في شرح مختصر خليل: ((وأما ما يهدي عرفا في العقد أو قبله، فالكصداق))، وهذا الرأي هو الذي أخذ به المشرع الكويتي كما بين في المذكرة الإيضاحية للقانون.

ما هو أثر العدول عن الخطبة على الهدايا في القانون الكويتي؟:

المادة الخامسة من قانون الأحوال الشخصية الكويتي عالجت موقف "الهدايا" في حالة عدول أحد الطرفين عن الخطبة.

ما هو أثر العدول عن الخطبة على الهدايا في القانون الكويتي
شرعا وعرفا وحسب القانون الكويتي، يختلف حكم رد الهدايا التي قدمها الخاطب لمخطوبته في حال فسخ الخطبة حسب الأحوال، الصورة صممت بنموذج الذكاء الاصطناعي Gemini من جوجل.

إذ نصت في مطلعها على أنه: ((إذا عدل أحد الطرفين عن الخطبة وليس ثمة شروط أو عرف)).

وهنا نلاحظ أن المادة بدأت بمنح الحق للناس أن يضعوا شروطا فيما بينهم تعالج هذه الحالة قبل اللجوء إلي ما يقرره القانون.

كما أفسحت المادة المجال لإعمال أي عرف تعارف عليه الناس في هذه المسألة، فإذا لم توجد شروط، ولم يوجد عرف يتم إعمال أحكام هذه المادة.

فقالت في البند (أ) منها: ((فإذا كان عدوله بغير مقتض لم يسترد شيئا مما أهداه إلي الآخر)).

ثم أضافت في البند (ب): ((وإذا كان العدول بمقتض، استرد ما أهداه إن كان قائما، أو قيمته يوم القبض إن كان هالكا أو مستهلكا)).

وقد شرح المشرع الكويتي وجهة نظرة في ذلك الحكم بالمذكرة الايضاحية حين قال: ((وقد أستكمل المشروع أحكام هذه الهدايا، فأختارها من فقه الأئمة، مراعيا أن من يعدل قد يكون سبب عدوله عيبا، أو خلقا غير كريم في الآخر لم يكن العادل على بينة منه، أو حدوث ما لاتدوم معه العشرة من قبل المعدل عنه، أو غير ذلك مما يجعل العادل معذورا في عدم اتمام الزواج، وهو عقد العمر الذي يدوم فيه الضرر)).

أما إذا اختلف الطرفين حول إن كان العدول عن الخطبة بمقتض أو بدون مقتض، فإن القاضي هو من يحدد ذلك ومن ثم يحكم بإسترداد الهدايا من عدمه.

وهذا ما نصت عليه المذكرة الايضاحية مبررة عدم ذكر مقتضيات العدول عن الخطبة بأنها: (وما يقتضي العدول لا يمكن ضبطه ولا حصره، لأنه باختلاف الأشخاص، بيئة، وثقافة، وزمنا، وما إلي ذلك).

وبهذه المادة وقف المشرع الكويتي موقفا يمكن وصفه بأنه (وسطا) بين المذاهب الفقهية التي أختلفت في حكم مسألة الهدايا عند العدول عن الخطبة.

الهدايا التي لا بقاء لها:

هناك نوع من الهدايا التي وبطبيعتها لا تبقي بعد إهدائها (على سبيل المثال: الطعام – الشراب).

وقد جاء نص المادة السابعة من قانون الأحوال الشخصية الكويتي حاسما، حينما نص على: ((في جميع الأحوال لا ترد الهدايا التي لا بقاء لها)).

فأيا من كان هو الطرف الذي عدل عن اتمام الخطوبة، وأيا كان الأمر سواء بمقتض أو بدون مقتض، لا ترد هذه الهدايا، وبهذا يكون المشرع الكويتي قد أخذ بالمذهب الحنفي في هذه المسألة.

وفي هذا النص، ترفيع للنفس عن الصغائر، وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون نصا: ((ولأنها في العادة قليلة الثمن، ولم يجر العرف بردها، وفي الإلزام بردها ما يجافي المروءة والكرم))، فتخيلوا مثلا أن يطلب الخاطب ثمن وجبة طعام دفعها ذات يوم لمن كانت خطيبته.

وهكذا أيضا يكون المشرع الكويتي قد أخذ بالمذهب الحنفي الذي يعتبر أن هدايا الخطبة (هبة)، والهبة وإن كان يجوز الرجوع فيها حسب الأصل، فإن الاستهلاك يعد مانع من موانع الرجوع في الهبة شرعا.

فسخ الخطبة بسبب الوفاة:

المادة 6 فقرة (ب) من قانون الأحوال الشخصية الكويتي، نصت على: ((وإذا انتهت بالوفاة أو بعارض حال دون الزواج، لم يسترد شيء من الهدايا)).

فإذا توفي الخاطب أو المخطوبة، فإن ما أهداه أو أهدته يظل كما هو، ولا يحق لأهله أو أهلها المطالبة به.

وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون أن مصدر ذلك هو فقه الإمام أحمد، حيث قال ابن تيمية: ((ان اتفقوا –أي الخاطب والمرأة ووليها- على النكاح من غير عقد، فأعطي –أي الخاطب- أباها لأجل ذلك شيئا من غير الصداق، فماتت قبل العقد، ليس له استرجاع ما أعطاهم)).

كما أضافت: ((وجاء في كشف القاع على متن الاقناع "لان عدم التمام ليس من جهتهم، وعلى قياس ذلك لو مات الخاطب لا رجوع لورثته)).

في النهاية يمكنكم استخدام خاصية التعليقات أسفل الصفحة لطرح أسئلتكم حيث يسرنا الرد عليها.

ولأي استشارات بشأن أحكام الخطبة وفسخها في القانون الكويتي .. أو أي استشارات قانونية في أي دولة من دول الخليج العربي.. يسعدنا في "القانون في الخليج" تلقي استفساراتكم عبر صفحة (اتصل بنا) حيث نقدم إجابات شاملة ومجانية لمدة ٣ أيام على الأقل.

كما لا تنسوا متابعتنا على منصاتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي:

وفي الختام سلام عليكم..

القانون في الخليج
القانون في الخليج
(القانون في الخليج) هو الموقع العربي الرائد في مجال المعرفة والنصائح والاستشارات القانونية في دول الخليج العربي
تعليقات